Абдуль-Азиз ар-Райс в "Аль-Имама аль-Узма" (стр.
113):
الوجه الرابع: أن هذا إجماع أهل العلم، والإجماع حجة ولا يكون إلا حقا وما سواه باطل - وتقدم حكاية الإجماعات - (١).تنبيه:هذا الشرط يسقط لمن ثبت حكمه واستقر بالغلبة بإجماع أهل العلم من أهل السنة، وقد تقدم ذكر الإجماعات (٢).الشبهة الثالثة عشرة:«أنه لا يشترط أن يكون الحاكم والسلطان من قريش».واعتمد في ذلك على أمور:الأمر الأول: أن اشتراط القرشية في الإمامة لم يكن معروفا، ولا معلوما بين الصحابة، لذا نازع فيها الأنصار في حادثة السقيفة وطلبوها وهم ليسوا من قريش، وأيضا لم يحتج عليهم أبو بكر وعمر بالأدلة في أن الأمر في قريش.الأمر الثاني: أنه لا إجماع على شرط القرشية لذا شكك في هذا الحافظ ابن حجر؛ لما روي عن عمر أنه أراد استخلاف معاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة، وأيضا يدل على هذا فعل الفقهاء الخارجين في فتنة ابن الأشعث فقد استشكل ابن كثير (٣) كيف بايع فقهاء العراق وخيار التابعين فيها ابن الأشعث ولم يكن من قريش بل من كندة؟ وفيهم عامر الشعبي وسعيد بن جبير وكثير من قريش!
(١) تقدم (ص: ١١١).
(٢) تقدم (ص: ٦٨).
(٣) البداية والنهاية (٩/ ٥٨).
-----------------------
الأمر الثالث: أن النصوص الواردة أشبه بالأخبار منها بالأحكام، كما فهم هذا الأنصار، وقد روى ابن أبي شيبة (١) عن عائشة قالت: «لو كان زيد حيا لاستخلفه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-»، وزيد بن حارثة لم يكن من قريش، وقد روى أحمد (٢) من طريق أبي رافع أن عمر قال: «لو أدركني أحد رجلين ثم جعلت هذا الأمر له لوثقت به: سالم مولى أبي حذيفة وأبو عبيدة بن الجراح»، قال أحمد شاكر:«إسناده صحيح ورواه أحمد (٣) من طريق شريح بن عبيد وراشد بن سعد وغيرهما أن عمر قال: فإن أدركني أجلي وقد توفي أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل»، قال الحافظ: «رجاله ثقات» (٤) اهـ.وهو مرسل إلا أنه عن جماعة من علماء التابعين في الشام فيتقوى بطرقه.وكشف هذه الشبهة من أوجه:الوجه الأول: لو قدر أنه لا إجماع على هذا الشرط، لكن قد دلت الأدلة على ذلك، ولا يشترط في العمل بالدليل واعتقاده أن يكون مجمعا عليه، فإن الحجة في الدليل إذا ثبت رواية ودراية؛ قال معاوية قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد، إلا كبه الله على وجهه، ما أقاموا الدين» (٥).
(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٧/ ٤١٥).
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٢٠).
(٣) مسند أحمد (١/ ١٨).
(٤) فتح الباري (١٣/ ١١٩).
(٥) سبق تخريجه (ص: ١١٠).
وقال عبد الله بن عمر: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي منهم اثنان» (١).وقال أبو هريرة: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «الناس تبع لقريش في هذا الشأن، مسلمهم تبع لمسلمهم، وكافرهم تبع لكافرهم» (٢).الوجه الثاني: أن اعتقاد الإمامة في قريش دون غيرهم مقرر في كتب العقائد عند أهل السنة، فهو أمر عقدي مجمع عليه عند أهل السنة خلافا لبعض أهل البدعة. كما تقدم بيانه (٣).الوجه الثالث: حكى الإجماع على هذا المعتقد جمع من أهل العلم في غير كتب الاعتقاد.١ - القاضي عياض قال -رحمه الله-: «هذه الأحاديث - وما في معناها في هذا الباب - حجة أن الخلافة لقريش، وهو مذهب كافة المسلمين وجماعتهم، وبهذا احتج أبو بكر وعمر على الأنصار يوم السقيفة، فلم يدفعه أحد عنه، وقد عدها الناس في مسائل الإجماع؟؛ إذ لم يؤثر عن أحد من السلف فيها خلاف، قولا ولا عملا قرنا بعد قرن إلا ذلك، وإنكار ما عداه، ولا اعتبار بقول النظام ومن وافقه من الخوارج وأهل البدع: إنها تصح في غير قريش.وذكر أشياء ثم قال: وهذا كله هزء من القول ومخالفة لما عليه السلف وجماعة المسلمين» (٤).
(١) سبق تخريجه (ص: ١١٠).
(٢) سبق تخريجه (ص: ١١٠).
(٣) تقدم (ص: ١١١).
(٤) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٦/ ٢١٤).
٢ - النووي قال -رحمه الله-: «هذه الأحاديث وأشباهها دليل ظاهر أن الخلافة مختصة بقريش لا يجوز عقدها لأحد من غيرهم؛ وعلى هذا انعقد الإجماع في زمن الصحابة فكذلك بعدهم، ومن خالف فيه من أهل البدع أو عرض بخلاف من غيرهم فهو محجوج بإجماع الصحابة والتابعين فمن بعدهم بالأحاديث الصحيحة» (١).٣ - أقر ابن حجر الإجماع فقال بعد أن نقل الإجماع عن القاضي عياض، وذكر ما يوهم نقضه: «فيحتمل أن يقال لعل الإجماع انعقد بعد عمر على اشتراط أن يكون الخليفة قرشيا أو تغير اجتهاد عمر في ذلك والله أعلم.وأما ما احتج به من لم يعين الخلافة في قريش من تأمير عبد الله بن رواحة وزيد بن حارثة وأسامة وغيرهم في الحروب فليس من الإمامة العظمى في شيء بل فيه أنه يجوز للخليفة استنابة غير القرشي في حياته والله أعلم» (٢).٤ - المناوي قال -رحمه الله-: «فلا يصح عقد الخلافة لغيرهم؛ وعليه انعقد الإجماع في زمن الصحابة ومن بعدهم، وهو حكم مستمر إلى آخر الدنيا، ومن خالف فيه من أهل البدع فهو محجوج بإجماع الصحابة» (٣).وما ذكر اعتراضا على هذا الإجماع فهو كالتالي:الاعتراض الأول: قصة عمر في أنه أراد استخلاف معاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة؛ وهم ليسوا من قريش.وقد استدل عليه بروايتين عن عمر -رضي الله عنه-:
(١) شرح النووي على صحيح مسلم (١٢/ ٢٠٠).
(٢) فتح الباري (١٣/ ١١٩).
(٣) فيض القدير (٦/ ٤٥٠).
الرواية الأولى: أخرج أحمد (١) أن عمر قال: «لو أدركني أحد رجلين، ثم جعلت هذا الأمر إليه لوثقت به: سالم مولى أبي حذيفة، وأبو عبيدة بن الجراح».وهذه الرواية لا تصح؛ لأن في الإسناد علي بن زيد بن جدعان؛ ضعفه ابن سعد والإمام أحمد وابن معين والرازيان والجوزجاني والنسائي وابن خزيمة وابن عدي والدار قطني وغيرهم (٢)؛ لذا قال الحافظ في التقريب: «ضعيف».وقال الحافظ ابن كثير في مسند الفاروق (٣) عند ذكره لهذه الرواية: «هذا الإسناد على شرط السنن، ولم يخرجوه، وعلي بن زيد بن جدعان له غرائب وإفرادات».إذا عرف ما تقدم ذكره عرف أن قول أحمد شاكر في تخريج المسند: «إسناده صحيح» (٤)، فيه نظر لما تقدم من بيان حال علي بن زيد بن جدعان (٥).ثم لو قدر أن رواية علي بن جدعان صحيحة فإنها مخالفة للأحاديث الأخرى وللإجماع؛ مما يجعلها من الضعيف الذي أخطأ فيه ابن جدعان؛ لأنه لو قيل بثقة
(١) أخرجه أحمد (١/ ٢٠).
(٢) انظر: تهذيب التهذيب (٧/ ٣٢٢ - ٣٢٤).
(٣) ص: ٣٨٠.
(٤) تخريج المسند (١/ ٢٢٢).
(٥) وهذا يدل على تساهل أحمد شاكر في التصحيح.
وقد بين تساهله في التصحيح العلامة عبد العزيز ابن باز فقال: «من تأمل حاشية العلامة أحمد شاكر اتضح له منها تساهله في التصحيح لكثير من الأسانيد التي فيها بعض الضعفاء؛ كابن لهيعة وعلي بن زيد بن جدعان وأمثالهما، والله يغفر له ويشكر له سعيه، ويتجاوز له عما زل به قلمه أو أخطأ فيه اجتهاده إنه سميع قريب». مجموع فتاوى ابن باز (٢٦/ ٢٥٨).
علي بن زيد فلا بد أن عنده أوهاما جعلت جمعا من الأئمة يتكلمون فيه؛ فيكون هذا من أوهامه.وأخيرا قد حمل ابن قتيبة تولية سالم على تولية إمامة الناس في الصلاة وقت الشورى إلى أن يختاروا خليفة. وقد ذكر ما يدل على هذا التوجيه (١).الرواية الثانية: قول عمر: «فإن أدركني أجلي وقد توفي أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل» (٢).هذا الأثر مما لا يصح أن يعترض به، لأنه لا يصح، وقول الحافظ: «بسند رجاله ثقات» لا يعني أنه صحيح، فإنه لو كان صحيحا عنده لبين ذلك، ولما اكتفى بقوله: (رجاله ثقات) (٣)، أما قوله: «وهو مرسل إلا أنه عن جماعة من علماء التابعين في الشام فيتقوى بطرقه»، فيقال: إن أكثر هذه المراسيل من
(١) تأويل مختلف الحديث (ص: ٢٥٢).
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٢٦٣).
(٣) قال العلامة الألباني في مقدمة صحيح الترغيب والترهيب (ص: ٤٤): «إنه قد تبين لي بالتتبع والاستقراء أنه كثيرا ما يكون في السند الذي قيل فيه (رجاله ثقات) من هو مجهول العين أو العدالة، ليس بثقة إلا عند بعض المتساهلين في التوثيق كابن حبان والحاكم وغيرهما».
وهذا الأثر جاء مرسلا من رواية عدة من التابعين، وهؤلاء التابعون شاميون مثل راشد بن سعد وشريح بن عبيد: أخرجه أحمد (١/ ٢٦٣)، وشهر بن حوشب: أخرجه أحمد في الفضائل (١٢٨٧)، وابن سعد في طبقاته (٣/ ٤٤٣)، وجاء من غير مرسل التابعين والشاميين، مثل ثابت بن الحجاج: أخرجه أحمد في الفضائل (١٢٨٥)، وهذا من الجزيرة كما قاله أبو داود في سؤالات الآجري، ومثل أبي العجفاء السلمي البصري: أخرجه ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (٣/ ٤١٨)، لكن فيه ضعف، قال البخاري: «فيه نظر».
مراسيل الشاميين إلا اثنين، وأحدهما فيه ضعف، أما الآخر من أوساط التابعين لا من كبارهم.وهذه المراسيل لا يقوي بعضها بعضا؛ لأن أكثرها من مرسل الشاميين؛ فمخرجها واحد، فيحتمل أخذ كلهم عن رجل واحد ضعيف، ثم هذا المرسل مخالف لما هو أقوى منه، وهي الأحاديث المتقدمة مع الإجماع، والإجماع قطعي الدلالة؛ لذلك من ضوابط المرسل حتى يقوي بعضه بعضا أن لا يخالف ما هو أقوى. وهذا يقال في الأحاديث المتصلة فكيف في المرسل فهو من باب أولى، ولما شرح ابن رجب كلام الشافعي في تقوية المرسل ذكر هذا، ومن ذلك أنه قال: «وظاهر كلام أحمد أن المرسل عنده من نوع الضعيف، لكنه يأخذ بالحديث إذا كان فيه ضعف، ما لم يجاء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أو عن أصحابه خلافه».قال الأثرم: «كان أبو عبد الله ربما كان الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وفي إسناده شيء، فيأخذ به إذا لم يجاء خلافه أثبت منه، مثل حديث عمرو بن شعيب، وإبراهيم الهجري، وربما أخذ بالحديث المرسل إذا لم يجاء خلافه» (١).الاعتراض الثاني: ذكر أن عائشة قالت: «لو كان زيد حيا لاستخلفه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-».والأثر أخرجه ابن أبي شيبة في موضعين (٢)، وكلاهما من طريق البهي عن عائشة، وقد تنازع العلماء في ثقة البهي وسماعه من عائشة، وأنكر سماعه من عائشة عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل، وأثبته البخاري (٣).
(١) شرح علل الترمذي (١/ ٥٥٣).
(٢) (٦/ ٣٩٢)، (٧/ ٤١٥).
(٣) انظر: تهذيب التهذيب (٦/ ٩٠)، والتاريخ الكبير (٥/ ٥٦).
أما ثقته فقد ذكر أبو حاتم أنه لا يحتج به وأنه مضطرب، ووثقه ابن سعد.وما كان كذلك من الآثار فإنه لا يقوى على مخالفة الأحاديث الأصح وحدها؛ كيف وقد انضم لها الإجماعات؟!. فبهذا يتبين ضعفه وشذوذه.الاعتراض الثالث: استشكال ابن كثير:استشكل ابن كثير فعلهم وعده زلة؛ مما يدل على أنه مقر بشرط القرشية فقال: «والعجب كل العجب من هؤلاء الذين بايعوه بالإمارة، وليس من قريش وإنما هو كندي من اليمن، وقد اجتمع الصحابة يوم السقيفة على أن الإمارة لا تكون إلا في قريش، واحتج عليهم الصديق بالحديث في ذلك، حتى إن الأنصار سألوا أن يكون منهم أمير مع أمير المهاجرين، فأبى الصديق عليهم ذلك، ثم مع هذا كله ضرب سعد بن عبادة - الذي دعا إلى ذلك أولا، ثم رجع عنه - كما قررنا ذلك فيما تقدم، فكيف يعمدون إلى خليفة قد بويع له بالإمارة على المسلمين من سنين، فيعزلونه وهو من صليبة قريش، ويبايعون لرجل كندي بيعة لم يتفق عليها أهل الحل والعقد؟ ولهذا لما كانت هذه زلة وفلتة نشأ بسببها شر كثير هلك فيه خلق كثير، فإنا لله وإنا إليه راجعون» (١).وقد يقال: إن مبايعتهم له على إمارة القتال لا على الإمارة مطلقا، ليتفق فعلهم مع الإجماع، ولا يخطأ هؤلاء الفقهاء في هذه المسألة.الاعتراض الرابع:القول بأنه لم يكن معروفا اشتراط الإمامة في قريش؛ بدلالة أنهم في سقيفة
(١) البداية والنهاية (١٢/ ٣٥٥).
بني ساعدة، وعند اختلافهم في تولي الأنصار أو المهاجرين، لم يذكروا هذه الأحاديث، فدل على أنها غير معروفة عندهم.والجواب على هذا من وجهين:الوجه الأول: إن أبا بكر استدل بأنهم الأمراء، وهذا استدلال بالأحاديث الدالة على ذلك، وليس شرطا أن يذكر أبو بكر نص نسبته لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فبمجرد ذكر ذلك على وجه الاستدلال وفي محل النزاع دليل على أنه يستدل بحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.وهذا ما فهمه القاضي عياض لما قال: «هذه الأحاديث - وما في معناها فى هذا الباب - حجة أن الخلافة لقريش، وهو مذهب كافة المسلمين وجماعتهم. وبهذا احتج أبو بكر وعمر على الأنصار يوم السقيفة، فلم يدفعه أحد عنه» (١).وقال ابن الجوزي: «ربما ظن ظان بالأنصار أنهم شكوا في تفضيل أبي بكر؛ وليس كذلك، إنما جروا في هذا على عادة العرب: وهي أن لا يسود القبيلة إلا رجل منها، ولم يعلموا أن حكم الإسلام على خلاف ذلك، فلما ثبت عندهم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الخلافة في قريش» (٢) أذعنوا له وبايعوه» (٣).الوجه الثاني: أنه لو كان ما ذكره من اعتراض محتملا، فإن الأحاديث الصريحة والإجماعات لا ترد بهذه الأفهام المحتملة، فإن المنطوق الصريح يقدم على المنطوق المحتمل، فكيف إذا كان مفهوما محتملا فهو أولى أن يقدم عليه المنطوق الصريح.
(١) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٦/ ٢١٤).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ١٨٥).
(٣) كشف المشكل من حديث الصحيحين (١/ ٧١).
الاعتراض الخامس:أن النصوص المذكورة في أن الولاية لقريش أشبه بالأخبار منها بالأحكام، وأن هذا ما فهمه الأنصار.هذا الاعتراض من العجائب لأوجه:الوجه الأول: أن ألفاظ الحديث لا تحتمل إلا الأحكام والطلب كقوله -صلى الله عليه وسلم-:«إن هذا الأمر في قريش، لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين» (١).الوجه الثاني: أن الجزم بأن هذا فهم الأنصار ليس أولى من الجزم بأنه قد خفي عليهم أو لهم تأويل لا نعلمه - هذا تنزلا - وإلا فالتأويل الذي ذكر باطل بالمرة لما تقدم في الوجه الأول.الوجه الثالث: أنهم جهلوه أو تأولوه بتأويل خطأ، ثم رجعوا بدلالة إجماع أهل السنة بعد.تنبيه:بعد هذا قد يظن أن أحاديث السمع والطاعة للحاكم، ولو كان عبدا حبشيا تعارض ما تقدم ذكره من أنه لا تصح الإمامة إلا لقريش، وقد أجاب على هذا ابن رجب فقال: «وولاية العبيد عليهم، وفي صحيح البخاري (٢) عن أنس عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: «اسمعوا وأطيعوا، وإن استعمل عليكم عبد حبشي، كأن رأسه زبيبة».
(١) سبق تخريجه (ص: ١١٠).
(٢) تقدم تخريجه (ص: ٩٥).
وفي صحيح مسلم (١) عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: «إن خليلي -صلى الله عليه وسلم- أوصاني أن أسمع وأطيع، ولو كان عبدا حبشيا مجدع الأطراف». والأحاديث في المعنى كثيرة جدا.ولا ينافي هذا قوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي في الناس اثنان» (٢)، وقوله: «الناس تبع لقريش» (٣).وقوله: «الأئمة من قريش» (٤)؛ لأن ولاية العبيد قد تكون من جهة إمام قرشي، ويشهد لذلك ما خرجه الحاكم (٥) من حديث علي -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «الأئمة من قريش أبرارها أمراء أبرارها، وفجارها أمراء فجارها، ولكل حق، فآتوا كل ذي حق حقه، وإن أمرت عليكم قريش عبدا حبشيا مجدعا، فاسمعوا له وأطيعوا» وإسناده جيد، ولكنه روي عن علي موقوفا، وقال الدارقطني: هو أشبه.وقد قيل: «إن العبد الحبشي إنما ذكر على وجه ضرب المثل وإن لم يصح وقوعه، كما قال: «من بنى مسجدا ولو كمفحص قطاة» (٦)» (٧).
(١) رقم (٦٤٨).
(٢) سبق تخريجه (ص: ١١٠).
(٣) سبق تخريجه (ص: ١١٠).
(٤) أخرجه أحمد (٣/ ١٢٩) من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
(٥) (٤/ ٨٥).
(٦) أخرجه ابن ماجه (٧٣٨) من حديث جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-.
(٧) جامع العلوم والحكم (٢/ ١١٩).
وقد يقال إن هذا في حال التغلب؛ فإذا تغلب الحاكم المسلم ثبت الحكم له بما أنه مسلم، ولا ينظر لبقية الشروط - كما تقدم - (١).وقال الكرماني: «فإن قلت: كيف يكون العبد واليا وشرط الولاية الحرية؟ قلت: بأن يوليه بعض الأئمة أو يغلب على البلاد بشوكته» (٢).الشبهة الرابعة عشرة:روي عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ما يدل على أنه يشترط للسمع والطاعة للحاكم أن يحكم بكتاب الله، فإذا لم يحكم بكتاب الله فلا سمع ولا طاعة، قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: «على الإمام أن يحكم بما أنزل الله، وأن يؤدي الأمانة، فإذا فعل ذلك فحق على الناس أن يسمعوا له ويطيعوا ويجيبوه إذا دعا» (٣).وكشف هذه الشبهة:إن هذا الأثر لا يصح؛ فإن مصعب بن سعد لم يسمع من علي بن أبي طالب، كما قاله أبو زرعة (٤).ثم لو صح الأثر، لكان مفهومه معارضا لمنطوقات كثيرة في السمع والطاعة للحاكم المسلم الفاسق العاصي، فالمنطوق مقدم على المفهوم؛ وهو محمول على السمع والطاعة في غير معصية الله، كما أفاده ابن بطال (٥).
(١) (تقدم (ص: ٦٥).
(٢) شرح صحيح البخاري (٥/ ٧٦)، وانظر عمدة القاري شرح صحيح البخاري (٥/ ٢٢٨).
(٣) انظر: السنة للخلال (١/ ١٠٩)، وابن أبي شيبة (٦/ ٤١٨).
(٤) جامع التحصيل (ص: ٢٨٠).
(٥) شرح البخاري (٨/ ٢١٥).
الشبهة الخامسة عشرة:أنه يشترط للحاكم الذي يسمع ويطاع له أن يكون عالما قال القرطبي:«أن الأمراء شرطهم أن يكونوا آمرين بما يقتضيه العلم، وكذلك كان أمراء رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وحينئذ تجب طاعتهم. فلو أمروا بما لا يقتضيه العلم حرمت طاعتهم» (١).وكشف هذه الشبهة أن يقال:١ - إنه لا دليل على هذا الشرط، ومن أراد أن يشترط شرطا فيلزمه الدليل.٢ - أن ما تقدم من الأدلة في السمع والطاعة للحاكم المسلم عند التغلب يدل على السمع والطاعة للحاكم المسلم ولو لم يكن عالما.٣ - أن كلام القرطبي فيما يأمر به الحاكم فيشترط أن يكون بمقتضى العلم- سواء كان عالما أو مقلدا - حتى لا يأمر الحاكم بما يخالف شرع الله مما حرمه الله؛ لذا كلام القرطبي في المأمور نفسه لا في الأمير والحاكم، فقال: «إن الأمراء شرطهم أن يكونوا آمرين بما يقتضيه العلم»؛ لذا لو قدر أن الحاكم عالم، وأمر بما يخالف العلم بأن أمر بمحرم فلا سمع ولا طاعة.الشبهة السادسة عشرة:أنه لا طاعة لمن عصى الله؛ واستدلوا بما أخرج أحمد أن معاوية كتب إلى عثمان: إن عبادة ابن الصامت قد أفسد علي الشام وأهله، فلما جاء عبادة إلى عثمان قال له: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنه سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم
(١) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٤/ ٣٥).
ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فلا طاعة لمن عصى الله تبارك وتعالى، فلا تعتلوا بربكم» (١).وكشف شبهة الاستدلال بهذا الحديث من أوجه:الوجه الأول: أن الحديث ضعيف؛ لأن في الإسناد إسماعيل بن عياش وهو ضعيف في روايته عن غير أهل الشام الذين هم أهل بلده، كما بين ذلك يحيى بن معين وأحمد بن حنبل، وهذا الحديث منها.فإنه يرويه عن عبد الله بن عثمان بن خيثم وهو من أهل مكة، وأيضا في الإسناد إسماعيل بن عبيد بن رفاعة عن أبيه.وإسماعيل وأبوه مجهولان جهالة حال، فإسماعيل وثقه ابن حبان وأبوه وثقه العجلي؛ وهما متساهلان في توثيق التابعين. فبهذا يكون الحديث ضعيفا، وقد ضعفه العلامة الألباني في السلسلة الضعيفة (٢).الوجه الثاني: أنه مخالف للأدلة المتواترة في الصبر على جور الحاكم - وقد تقدم ذكرها - (٣).
(١) أخرجه أحمد (٥/ ٣٢٥).
(٢) رقم (١٣٥٣)، أما حديث: «سيليكم أمراء بعدي يعرفونكم ما تنكرون، وينكرون عليكم ما تعرفون، فمن أدرك ذلك منكم فلا طاعة لمن عصى الله» فقد صححه الإمام الألباني في السلسلة الصحيحة (٥٩٠)، والمراد بالحديث لا طاعة في المعصية نفسها دون غيرها؛ للأدلة الأخرى، والشريعة يفسر بعضها بعضا، وأيضا لأجل إجماع أهل السنة كما تقدم.
(٣) تقدم (ص: ٣٧).
الوجه الثالث: أنه مخالف لإجماع أهل السنة ومعتقدهم - كما تقدم نقله (١) -.تنبيه:قد روى ابن أبي شيبة (٢) حديث عبادة بلفظ آخر قريب:«ستكون عليكم أمراء يأمرونكم بما تعرفون، ويعلمون ما تنكرون، فليس لأولئك عليكم طاعة» على أنه لا طاعة لمن عصى الله.وهو حديث ضعيف فيه أكثر من علة؛ ففيه جهالة الأعشى بن عبد الرحمن ابن مكمل؛ لم يوثقه معتبر، قال الهيتمي: «لم أعرفه» (٣).وفيه أزهر بن عبد الله الراوي عن عبادة بن الصامت.قال ابن حجر: «يروي عن عثمان وعبادة بن الصامت. روى عنه الأعشى ابن عبد الرحمن بن مكمل. قال أبو حاتم: لا أدري من هو. وذكره ابن حبان في (الثقات)» (٤)، فهو بهذا مجهول جهالة حال، فيكون الحديث ضعيفا.
(١) تقدم (ص: ٣٩).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٧/ ٥٢٦).
(٣) مجمع الزوائد (٥/ ٢٢٧).
(٤) لسان الميزان (١/ ٣٤٠).
شبهات في طريقة تولي الحكمالشبهة السابعة عشرة:«أن التولي بالغلبة والقهر لا تثبت به الولاية»، لما يلي:الأمر الأول: أنه ظلم وجور، والشريعة لا تقر الظلم والجور. فعلى ذلك لا تقر تولي الحكم بطريق القهر والغلبة.الأمر الثاني: أن الإمامة عقد بين الحاكم والمحكوم، وفي العقد يطالب الطرفان بالقيام بحقوق كل طرف، فإذا أخل أحدهم بما اتفق عليه بطل العقد.وجواب هذه الشبهة بجواب الأمرين:أما جواب الأمر الأول فمن وجهين:الوجه الأول: أن طريقة التولي بالغلبة دلت عليها الأدلة، وأقوال الصحابة، وإجماع أهل العلم - كما تقدم (١) - فهي دين وشرع؛ والشريعة لا تأتي بالظلم
(١) تقدم (ص: ٦٥).
والجورالغالب، ويوضح ذلك الوجه الثاني.الوجه الثاني: أنه وإن كان في إقرار الحكم بالغلبة والسيف ظلم وجور ومفسدة، لكن به تدفع مفسدة أكبر؛ ودين الله قائم على جلب المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، وذلك أن مفسدة الفوضى وذهاب الأمن وسفك الدماء أعظم من مفسدة ظلم يأتي من جهة الحاكم، ومن حوله فحسب؛ في مقابل ظلم يأتي من الشعوب كلهم، فيأكل القوي الضعيف، والكثير القليل وهكذا … وتقدم ذكر هذا (١).أما جواب الأمر الثاني فسيأتي - إن شاء الله - عند بيان أن عقد الولاية لا يبطل إذا أخل الحاكم بحقوق المحكومين (٢).الشبهة الثامنة عشرة:أن الإمام مالكا لا يرى البيعة لمتغلب؛ لأن للإمام مالك كلاما في عدم صحة بيعة المكره - ولا يثبت عنه، كما سيأتي إن شاء الله (٣).وكشف هذه الشبهة من أوجه:الوجه الأول: أن الإمام مالكا يرى صحة بيعة المتغلب ولو لم ير صحة بيعة المكره - تنزلا - وإلا لم يصح.قال الشاطبي: «وما قرره هو أصل مذهب مالك: قيل ليحيى بن يحيى:«البيعة مكروهة؟ قال: لا، قيل له: فإن كانوا أئمة جور؟ فقال: قد بايع ابن عمر
(١) تقدم (ص: ٢٥).
(٢) سيأتي (ص ١٤٦).
(٣) سيأتي عدم صحة نسبة هذا القول لمالك (ص: ٢١٧).
لعبد الملك بن مروان، وبالسيف أخذ الملك»، أخبرني بذلك مالك عنه أنه كتب إليه وأمر له بالسمع والطاعة على كتاب الله وسنة نبيه، قال يحيى: «والبيعة خير من الفرقة» (١).ويؤيد ذلك أنه أقر لأبي جعفر المنصور والمهدي بالخلافة، وكان يسمي كلا منهما أمير المؤمنين.قال الذهبي: «وقال موسى بن داود: سمعت مالكا يقول: قدم علينا أبو جعفر المنصور سنة خمسين ومائة، فقال: يا مالك! كثر شيبك! قلت: نعم يا أمير المؤمنين، من أتت عليه السنون، كثر شيبه، قال: ما لي أراك تعتمد على قول ابن عمر من بين الصحابة؟ قلت: كان آخر من بقي عندنا من الصحابة، فاحتاج إليه الناس، فسألوه، فتمسكوا بقوله» (٢)، ونعت الإمام مالك المهدي بأمير المؤمنين أيضا.قال الذهبي: «قدم المهدي المدينة، فبعث إلى مالك، فأتاه، فقال لهارون وموسى: اسمعا منه. فبعث إليه، فلم يجبهما، فأعلما المهدي، فكلمه، فقال: يا أمير المؤمنين! العلم يؤتى أهله. فقال: صدق مالك، صيرا إليه» (٣).الوجه الثاني: أن الإمام مالكا لو كان يرى عدم صحة ولاية المتغلب لبين هذا أئمة السنة، فإنهم قد حكوا إجماعات على صحة بيعة المتغلب وثبوت الحكم له كما تقدم نقل ذلك.
(١) الاعتصام (٣/ ٣٣).
(٢) سير أعلام النبلاء (٨/ ١١٢).
(٣) سير أعلام النبلاء (٨/ ٦٣).
إذا تقرر هذا فلابد أن يوجه كلام مالك في عدم صحة بيعة المكره على غير ولاية المتغلب، وهذا يتضح بما يأتي - إن شاء الله -.الوجه الثالث: أن من المالكية من حكى إجماعا على صحة بيعة المتغلب كابن أبي زيد القيرواني وابن بطال، فلو كان مالك مخالفا لبينوا ذلك.الوجه الرابع: أن كل صورة يمكن معها إثبات بيعة المتغلب مع عدم صحة بيعة المكره يصح أن يحمل عليها كلام الإمام مالك في عدم صحة بيعة المكره- لو ثبت عنه -، فلو أن مدينة بين دولتين، وقد استقر الحكم لكل حاكم في هاتين الدولتين، فإن إلزام أحد هذين الحاكمين أحد أفراد هذه المدينة بالبيعة وهي ليست تحت حكمه وقهره تكون بيعة مكره، فبهذا يجتمع إثبات أن الإمام مالكا يقول ببيعة المتغلب مع عدم صحة بيعة المكره.وهذا مثال من الأمثلة، وقد توجد أمثلة أخرى مثل أن ينتقل رجل إلى دولة حاكم آخر لطلب رزق أو غير ذلك، فيلزمه هذا الحاكم ويكرهه على أن يبايعه، وفي عنقه بيعة للحاكم الأول فمثل هذا لا تصح بيعته له لأنها بيعة مكره.الشبهة التاسعة عشرة:أن الصحابة مجمعون على عدم صحة الولاية للمتغلب، واستدلوا على ذلك بأن أبا بكر قال للصحابة: أترضون بمن استخلف عليكم؟ فإني والله ما ألوت من جهد الرأي، ولا وليت ذا قرابة، وإني استخلفت عمر بن الخطاب، فاسمعوا له وأطيعوا. قالوا: سمعنا وأطعنا. وفي رواية: أتبايعون لمن في هذا الكتاب؟ فقالوا: نعم. وقال بعضهم: قد علمنا به. فأقروا بذلك جميعا ورضوا به وبايعوا.
والجواب على هذه الشبهة من أوجه:الوجه الأول: أن الأثر ضعيف، فقد أخرجه الخلال (١)، وابن جرير (٢)، من طريق أبي السفر عن أبي بكر، ولم تثبت روايته عنه، بل ذكر ابن معين (٣) أنه لم يسمع عليا، فأبو بكر من باب أولى.أما الرواية الثانية فقد أخرجها ابن سعد من طريقين ضعيفين - لا يقوي بعضهما بعضا لشدة الضعف: أما الطريق الأولى ففيها الواقدي - وهو متروك كما قاله البخاري - وفيها أبو بكر بن أبي سبرة - وهو يضع الحديث كما قاله ابن عدي -.أما الطريق الثانية ففيها أكثر من علة - وهو عدم سماع عبد الله البهي من أبي بكر - لأنه لم يسمع من عائشة كما قاله أحمد - ثم إن في البهي ضعفا حتى قال أبو حاتم مضطرب الحديث (٤) وفي الأثر علل أخرى (٥) - فكيف ينفى الخلاف بين الصحابة اعتمادا على أثر ضعيف ثم تترك الآثار الصحيحة عن الصحابة في تصحيح ولاية المتغلب؟!الوجه الثاني: لا دلالة في هذا الأثر - لو صح - لأن كلام أبي بكر عن حال الولاية بالاختيار، وقد تقدم أن للولاية طرقا منها الغلبة، فما دل على الاختيار لا
(١) السنة للخلال (١/ ٢٧٦).
(٢) تاريخ الطبري (٣/ ٤٢٨).
(٣) تاريخ ابن معين (٢/ ١٩٥) برواية الدوري.
(٤) انظر ما تقدم (ص: ١٢٠).
(٥) منها أني لم أجد ترجمة لعمرو بن عبد الله بن عنبسة.
نفي ما دل على الغلبة، والواجب العمل بالأدلة كلها وألا يضرب بعضها ببعض، فقد صححت الشريعة الولاية بالاختيار - وهو الأصل، وصححت الولاية بالتغلب، كما دلت على ذلك الأدلة وأقوال الصحابة وإجماع أهل السنة - كما تقدم (١) -.الوجه الثالث: ليس في كلام أبي بكر هذا عدم صحة الولاية مطلقا إلا بالرضا حتى يستفاد منه عدم صحة ولاية المتولي بالقهر والغلبة، وغاية ما في هذا الأثر - لو صح - أنه طلب رضاهم ففعله لهذه الطريقة لا يمنع غيرها.الوجه الرابع: إنه لو صح عن أبي بكر، فإن حكاية نفي الخلاف بين الصحابة تهور واستهانة بالعقول، وذلك أن ابن عمر صحح ولاية المتغلب - كما تقدم (٢) -، فأقل ما يقال - لو صح الأثر رواية وصح الاستدلال به دراية -: إن في صحة ولاية المتغلب قولين للصحابة، مع أنه تقدم أن العلماء مجمعون على صحة ولاية المتغلب.الشبهة العشرون:أن ولاية المتغلب لا تصح قياسا على عدم صحة البيع ولو كان قليلا مع عدم التراضي؛ فإنه إذا لم يصح البيع ولو قليلا مع عدم التراضي فالبيعة بالولاية أولى ألا تصح.وكشف هذه الشبهة من أوجه ثلاثة:الوجه الأول: إن الشريعة صححت ولاية المتغلب بالنص والإجماع، بل أجمع أهل السنة أن من خالف فهو مبتدع ضال - كما تقدم (١) - فهذا مقدم على ذلك القياس الفاسد.
(١) تقدم (ص: ٦٥).
(٢) تقدم (ص: ٦٦).