ابن سعد - الطبقات الكبرى
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنِ
- عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنِ بْنِ أَرْطَبَانَ. ويكنى أبا عون مولى عبد الله بن درة بن سراق المزني وكان أكبر من سليمان التميمي. وكان عثمانيًا. وكان ثقة كثير الحديث ورعًا. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُولُ: رَأَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُقَادُ بِهِ دَابَّتُهُ لا يَلْقَى مَا أَلْقَى أَنَا. لَقَدْ تَرَكُونِي مَا أَقْدِرُ أَنْ أَخْرُجَ إِلَى حَاجَةٍ. أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: وُلِدَ ابْنُ عَوْنٍ قَبْلَ الْجَارِفِ بِثَلاثِ سِنِينَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ لا يُسَلِّمُ عَلَى الْقَدَرِيَّةِ إذا مر بهم. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ قَدْ سَمِعَ بِالْكُوفَةِ عِلْمًا كَثِيرًا فَعَرَضَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ فَمَا قَالَ مُحَمَّدٌ: مَا أَحْسَنَ هَذَا! حَدَّثَ بِهِ. وَمَا كَانَ سِوَى ذَلِكَ أَمْسَكَ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ. وَكَانَ إِذَا حَدَّثَ بِالْحَدِيثِ تَخَشَّعَ عِنْدَهُ حَتَّى تَرْحَمَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَزِيدَ أَوْ يَنْقُصَ. قَالَ: أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بن عُلَيَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُولُ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عِلْمِ الشُّيُوخِ!. قَالَ: وَقَالَ أَبُو قَطَنٍ سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُولُ: وَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْهُ كَفَافًا. يَعْنِي الْعِلْمَ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ عَوْنٍ: يَا ابْنَ أَخِي قَدْ قَطَعُوا عَلَيَّ الطَّرِيقَ مَا أَقْدِرُ أَنْ أَخْرُجَ لِحَاجَةٍ. يَعْنِي مِمَّا يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْحَدِيثِ. قَالَ بَكَّارٌ: وَكَانَ لابْنِ عَوْنٍ إِخْوَانٌ يَأْتُونَهُ فَيَأْذَنُ لَهُمْ خَاصَّةً وَلا يَأْذَنُ لِلْجَمَاعَةِ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ إِذَا جَاءَهُ إِخْوَانُهُ فَسَلَّمُوا عليه كأن على رؤوسهم الطَّيْرَ لَهُمْ خُشُوعٌ وَخُضُوعٌ لَيْسَ أَرَاهُ لأَحَدٍ. وَكَانَ يَرُدُّ عَلَيْهِمْ: وَعَلَيْكُمُ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. وَكَانَ لا يَدَعُ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ الْحَدِيثِ وَلا غَيْرِهِمْ يَتْبَعُهُ. وَاتَّبَعَ ابْنَ عَوْنٍ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ يَوْمًا فَقَالَ: أَلَكَ حَاجَةٌ؟ قَالَ: لا. قَالَ: فَانْصَرِفْ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: مَا رَأَيْتُ ابْنَ عَوْنٍ يُمَازِحُ أَحَدًا وَلا يُمَارِي أَحَدًا وَلا يُنْشِدُ شِعْرًا. وَكَانَ مَشْغُولا بِنَفْسِهِ. قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ يَمْكُثُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ فِي مَجْلِسِهِ يَذْكُرُ اللَّهَ. فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ صَلَّى ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ. قَالَ بَكَّارٌ: وَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَوْنٍ شَاتِمًا أَحَدًا قَطُّ عَبْدًا وَلا أَمَةً وَلا شَاةً وَلا دَجَاجَةً وَلا شَيْئًا وَلا رَأَيْتُ أَحَدًا أَمْلَكَ لِلِسَانِهِ مِنْهُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: مَا سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ ذَاكِرًا بِلالَ بْنَ أبي بُرْدَةَ بِشَيْءٍ قَطُّ. وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ قَوْمًا قَالُوا: يَا أبا عَوْنٍ بِلالٌ فَعَلَ. فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ يَكُونُ مَظْلُومًا فَلا يَزَالُ يَقُولُ حَتَّى يَكُونَ ظَالِمًا. مَا أَظُنُّ أَحَدًا مِنْكُمْ أَشَدَّ عَلَى بِلالٍ مِنِّي. قَالَ: وَكَانَ بِلالٌ قَدْ ضَرَبَهُ بِالسِّيَاطِ لأَنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَرَبِيَّةً. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: صَحِبْتُ ابْنَ عَوْنٍ دَهْرًا مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى مَاتَ. وَأَوْصَى إِلَى أبي فَمَا سَمِعْتُهُ حَالِفًا عَلَى يَمِينٍ بَرَّةٍ وَلا فَاجِرَةٍ حَتَّى فَرَّقَ الْمَوْتُ بَيْنَنَا. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا حَتَّى مَاتَ. قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ بِيَدِ ابْنِ عَوْنٍ دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا قَطُّ وَلا رَأَيْتُهُ يَزِنُ شَيْئًا قَطُّ. وَكَانَ إِذَا تَوَضَّأَ لِلصَّلاةِ لا يُعِينُهُ عَلَيْهِ أَحَدٌ. وَكَانَ يَمْسَحُ وَجْهَهُ إِذَا تَوَضَّأَ بِالْمِنْدِيلِ أَوْ بِخِرْقَةٍ. قَالَ: وَكَانَ لا يُبَكِّرُ إِلَى الْجُمُعَةِ ذَاكَ التَّبْكِيرَ الَّذِي يُعْرَفُ وَلا يُؤَخِّرُهَا. وَكَانَ أَحَبَّ الأُمُورِ إِلَيْهِ أَوْسَطُهَا وَالاخْتِلاطُ بِالْجَمَاعَةِ. وَكَانَ يَغْتَسِلُ الجمعة والعيدين ويتطيب للجمعة وللعيدين وَيَرَى ذَلِكَ سُنَّةً. وَكَانَ طَيِّبَ الرِّيحِ فِي سَائِرِ الأَيَّامِ لَيِّنَ الْكِسْوَةِ. وَكَانَ يَلْبَسُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ أَنْظَفَ ثِيَابِهِ. وَكَانَ يَأْتِي الْجُمُعَةَ مَاشِيًا وَرَاكِبًا وَلا يُقِيمُ بَعْدَ صَلاةِ الْجُمُعَةِ. وَكَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لا يَزِيدُ عَلَى الْمَكْتُوبَةِ فِي الْجَمَاعَةِ. ثُمَّ يَخْلُو فِي بَيْتِهِ. وَكَانَ إِذَا خَلا فِي مَنْزِلِهِ إِنَّمَا هُوَ صَامِتٌ لا يَزِيدُ عَلَى الْحَمْدِ لِلَّهِ رَبِّنَا. وَمَا رَأَيْتُ ابْنَ عَوْنٍ دَخَلَ حَمَّامًا قَطُّ. وَكَانَ لَهُ وَكِيلٌ نَصْرَانِيُّ يُحْيِي غَلَّةَ دَارِهِ. وَكَانَ سُكَّانُهُ فِي دَارِهِ الَّتِي هُوَ فِيهَا نَصَارَى وَمُسْلِمِينَ وَالدَّارِ الَّتِي فِي السُّوقِ. وَكَانَ يَقُولُ: يَكُونُ تَحْتِي نَصَارَى لا يَكُونُ تَحْتِي مُسْلِمُونَ. وَكَانَ يَسْكُنُ أَعْلَى دَارِهِ. وَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ يُصَلِّي بِنَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ. وَكَانَ لَهُ مَسْجِدٌ فِي دَارِهِ يُصَلِّي فِيهِ الصَّلَوَاتِ كُلَّهَا وَمَنْ حَضَرَهُ مِنْ إِخْوَانِهِ وَسُكَّانِهِ وَوَلَدِهِ. وَكَانَ يُؤَذِّنُ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ زَيْدٌ. وَيُقِيمُ يُؤَذِّنُ مَثْنَى مَثْنَى. وَيُقِيمُ وَتْرًا وَتْرًا. وَكَانَ رُبَّمَا أَمَّنَا ابْنُ عَوْنٍ وَرُبَّمَا قَدَّمَ بَعْضَ بَنِيهِ. وَكَانَ لا يَدْعُو بِشَيْءٍ إِلا أَنْ يُؤْتَى بِهِ. وَكَانَ إِذَا عَلِمَ أَنَّ فِيَ شَيْءٍ مِنْ طَعَامِهِ ثُومًا لَمْ يَذُقْهُ. وَكَانَ يَأْتِيهِ الْخَادِمُ قَبْلَ الطَّعَامِ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ. ثُمَّ يَأْتِيهِ بِالْمِنْدِيلِ فَيَمْسَحُ بِهَا يَدَيْهِ. وَقَالَ بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ: حَدَّثَتْنَا مَوْلاةٌ لَنَا يُقَالُ لَهَا عَيْنا أَنَّهَا كَانَتْ تَخْدُمُ ابْنَ عَوْنٍ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ مَمْلُوكَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ. وَكَانَتِ ابْنَةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدٍ عِنْدَ ابنِ عَوْنٍ وأمها عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ابْنِهِ. قَالَتْ: فَكُنْتُ أَخْدُمُهَا فَطَبَخْتُ لابْنِ عَوْنٍ قِدْرًا فَوَجَدَ مِنْهَا رِيحَ الثُّومِ. قَالَتْ: فَسَأَلَنِي فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ فِيكِ بَارَكَ اللَّهُ فِيكِ! ارْفَعِيهِ مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ. قَالَتْ: فَوَقَعَ فِي جَسَدِي مِثْلُ الْحَرِيقِ فَهَرَبْتُ إِلَى دَارِ سِيرِينَ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: ذُكِرَ الْقَدَرُ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ فَقَالَ لِي: يَا ابْنَ أَخِي إِنِّي أَنَا أَكْبَرُ مِنْهُ قَدْ أَدْرَكْتُ النَّاسَ وَمَا يَذْكُرُ بِهَذَا الْكَلامِ إِلا رَجُلانِ مَعْبَدٌ الْجُهَنِيُّ وَسِنْهَوَيْهِ زَوْجُ أُمِّ مُوسَى وَذَاكَ شَرٌّ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَعَتِ الْمُعْتَزِلَةُ بِابْنِ عَوْنٍ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ فَقَالُوا: إِنَّ هَهُنَا رَجُلا يَرْبُثُ النَّاسَ عَنْكَ يُقَالُ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ مَا لِي وَلَكَ. فَخَرَجَ عَنِ الْبَصْرَةِ حَتَّى نَزَلَ الْقُرَيْظِيَّةَ فَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِ إِبْرَاهِيمَ مَا كَانَ. قَالَ بَكَّارٌ: وَرَأَيْتُ ابْنَ عَوْنٍ لَمَّا خَرَجَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَسَنٍ أَمَرَ بِأَبْوَابِهِ وَكَانَتْ شَارِعَةً عَلَى سِكَّةِ الْمِرْبَدِ فَغُلِّقَتْ. فَلَمْ يَكُنْ يَدَعُ أَحَدًا يَطْلُعُ وَلا يَنْظُرُ وَلا يَفْتَحُ بَابًا. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ إِنْ وَصَلَ إِنْسَانًا بِشَيْءٍ وَصَلَهُ سِرًّا وَإِنْ صَنَعَ شَيْئًا صَنَعَهُ سِرًّا يَكْرَهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ أَحَدٌ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ كَأَنِّي مَعَ مُحَمَّدٍ فِي بُسْتَانٍ. قَالَ: فَجَعَلَ يَمْشِي فِيهِ فَيَمُرُّ عَلَى الْجَرْوَلِ فَيَبُثُّهُ وَأَنَا خَلْفَهُ أَفْعَلُ ذَلِكَ. قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَقَصَصْتُهَا عَلَيْهِ فَرَأَيْتُ أَنَّهُ عَرَفَهَا فَقَالَ: مَا شَاءَ اللَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ! هَذَا رَجُلٌ يَتْبَعُ رَجُلا يَتَعَلَّمُ مِنْهُ الْخَيْرَ. قَالَ: فَرَأَى أَنِّي كُنْتُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ ابْنِ عَوْنٍ فِي بَيْتٍ فَقُلْتُ: أَلَيْسَ أَبُو مُحَمَّدٍ عُبَيْدَةُ بِأَطْرَافٍ؟ فَقَالَ: أَيْهَاتَ عِنْدَ مَنْ تَقُولُ هَذَا. لا لا. وَكُنْتُ أَرَدْتُهُ أَنْ يُحَدِّثَنِي فِي كِتَابٍ فَأَبَى عَلَيَّ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ الْبَتِّيَّ يَقُولُ فِي شَهَادَةِ الرَّجُلِ لأَبِيهِ: لا يَجُوزُ إِلا أَنْ يَكُونَ مِثْلَ ابْنِ عَوْنٍ. قَالَ الأَنْصَارِيُّ: وَبِهِ آخُذُ وَقَدْ شَهِدْتُ عِنْدَ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ لأَبِي عَلِيٍّ شَهَادَةً فَقَبِلَهَا. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَيَّ سَلْمُ بْنُ قُتَيْبَةَ وَهُوَ أَمِيرٌ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ. قَالَ: فَضَحِكَ وَقَالَ: نَحْمِلُهَا لابْنِ عَوْنٍ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ مَرَّةً. فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَنْ حَدَّثَكَ بِهِ؟ قَالَ: مَنْ لَمْ تَرَ عَيْنَايَ وَاللَّهِ مِثْلَهُ قَطُّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ وَمَا أَسْتَثْنِي الْحَسَنَ وَلا ابْنَ سِيرِينَ. قَالَ الأَنْصَارِيُّ: وَقَدِمَ هِشَامٌ مَرَّةً مِنْ مَكَّةَ فَأَتَى ابْنَ عَوْنٍ وَنَحْنُ عِنْدَهُ فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا أَتَيْتُ أَهْلِي وَلا أَحَدًا حَتَّى أَتَيْتُكَ. أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: رَأَيْتُ فِي المنام كَأَنِّي كُنْتُ جَالِسًا فِي الْمَسْجِدِ فَنَدَرَتْ حَصَاةٌ فَوَقَعَتْ فِي أُذُنِي فَمِلْتُ بِرَأْسِي فَسَقَطَتْ. فَسَأَلْتُ عَنْهَا ابْنَ سِيرِينَ فَقَالَ: هَذَا رَجُلٌ سَمِعَ كَلِمَةً تَسُوءُهُ فَلَمْ يَكُنْ لَهَا فِي قَلْبِهِ قَرَارٌ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَكْرَهُ الْمُصَافَحَةَ. وَكَانَ لا يُصَافِحُ أَحَدًا. وَكَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ لا يَكَادُ يُصَافِحُ إِنَّمَا يَقُولُ: السَّلامُ عَلَيْكُمْ. أَخْبَرَنَا بَكَّارٌ قَالَ: لَمْ يَكُنْ لِمَسْجِدِ ابْنِ عَوْنٍ الَّذِي اتَّخَذَهُ فِي دَارِهِ مِحْرَابٌ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفِ بْنِ عُقْبَةَ قَالَ: مَرَّ ابْنُ عَوْنٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ فَمَرَّ ابْنُ سِيرِينَ مَوْضِعَ الْمَطَرِ عَلَى جِذْعٍ وَمَرَّ ابْنُ عَوْنٍ فِي مَوْضِعِ الْمَطَرِ. فَقَالَ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَمْشِيَ عَلَى الْجِذْعِ؟ قَالَ: لَمْ أَدْرِ مَا يُوَافِقُ صَاحِبَهُ. أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ خُلَيْفٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ إِذَا اجْتَهَدَ فِي الدُّعَاءِ قَالَ: يَا أَحَدُ يَا أَحَدُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ ابْنِ عَوْنٍ قَالَ: كَانَ لَهُ نَاقَةٌ يَغْزُو عَلَيْهَا وَيَحُجُّ عَلَيْهَا وَكَانَ بِهَا مُعْجَبًا فَأَمَرَ غُلامًا لَهُ يَسْتَقِي عَلَيْهَا فَجَاءَ بِهَا وَقَدْ ضَرَبَهَا عَلَى وَجْهِهَا فَسَالَتْ عَيْنُهَا عَلَى خَدِّهَا فَقُلْنَا: إِنْ كَانَ مِنِ ابْنِ عَوْنٍ شَيْءٌ فَالْيَوْمَ. قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ إلينا. فلما نظر إلى النَّاقَةَ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَفَلا غَيْرَ الْوَجْهِ؟ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ! اخْرُجْ عَنِّي. اشْهَدُوا أَنَّهُ حُرٌّ. أَخْبَرَنَا بَكَّارٌ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَغْزُو عَلَى نَاقَتِهِ إِلَى الشَّامِ فَإِذَا صَارَ إِلَى الشَّامِ رَكِبَ الْخَيْلَ. قَالَ: وَبَارَزَ ابْنُ عَوْنٍ رُومِيًّا فَقَتَلَهُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ لابْنِ عَوْنٍ سُبْعٌ يَقْرَأُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ فَإِذَا لَمْ يَقْرَأْهُ بِاللَّيْلِ أَتَمَّهُ بِالنَّهَارِ. أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: ثَلاثٌ أُحِبُّهُنَّ لِنَفْسِي وَلأَصْحَابِي. قَالَ: فَذَكَرَهُ فَإِذَا هُوَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَالثَّالِثَةُ أَقْبَلَ رَجُلٌ عَلَى نَفْسِهِ وَلَهَا مِنَ النَّاسِ إِلا مِنْ خَيْرٍ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ: وَسَمِعْتُهُم يَذْكُرُونَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنَّهُ رَأَى دَابَّةَ أبي مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ فَرَكِبَهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْتَأْمِرَهُ. يَعْنِي يَفْعَلُ ذَلِكَ عَلَى الثِّقَةِ بِهِ. أَخْبَرَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَقُولُ: سُلَيْمٌ سُلَيْمٌ أَزْهَرُ أَزْهَرُ. قَالَ: إِنَّهُمْ كَانُوا يَشْتَرُونَ لَهُ حَوَائِجَهُ مِنَ السوق. أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ بْنُ بَلْجٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: قُلْتُ لابْنِ عَوْنٍ: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الدَّرَاهِمَ. قَالَ: إِنَّهَا تَنْفَعُنِي. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ خَاتَمُ ابْنِ عَوْنٍ مِنْ فِضَّةٍ. وَكَانَ فَصُّهُ مِنْهُ وَنَقْشُهُ خَاتَمُ سُلَيْمَانَ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ عَوْنٍ قَلَنْسُوَةً ارْتِفَاعُهَا نَحْوٌ مِنْ شِبْرٍ حِبَرَةً مِنْ هَذِهِ الْيَمَانِيَةِ الْمُسَلْسَلَةِ. وَرَأَيْتُهُ يَلْبَسُ الثِّيَابَ الْبُرُودَ. وَرَأَيْتُهُ يَلْبَسُ إِزَارًا وَرِدَاءً وَيَخْرُجُ إِلَى السُّوقِ. وَكَانَ يَلْبَسُ ثَوْبَيْنِ مُمَشَّقَيْنِ يُصْبَغَانِ بِالْمِشْقِ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ لا يُحْفِي شَارِبَهُ. وَكَانَ يَأْخُذُهُ أَخْذًا وَسَطًا. وَكَانَ لَهُ شَعْرٌ إِلَى أَنْصَافِ أُذُنَيْهِ وَلَوْ رَأَيْتَهُ قُلْتَ لَيْسَ مِنْ تِلْكَ الطَّبَقَةِ شَدِيدُ الاخْتِلاطِ بِالنَّاسِ. أَخْبَرَنَا عَارِمُ بْنُ الْفَضْلِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ تَبْدُو سُرَّتُهُ إِذَا اتَّزَرَ. أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلَى ابْنِ عَوْنٍ بُرْنُسًا مِنْ صُوفٍ رَقِيقًا حَسَنًا. فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: مَا هَذَا الْبُرْنُسُ يَا أبا عَوْنٍ؟ فَقَالَ: هَذَا بُرْنُسٌ كَانَ لابْنِ عُمَرَ. قَالَ: فَكَسَاهُ أَنَسَ بْنَ سِيرِينَ فَبِيعَ فِي مِيرَاثِ أَنَسٍ فَاشْتَرَيْتُهُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَتْ نَعْلُ ابْنِ عَوْنٍ لَهَا زِمَامٌ وَاحِدٌ وَلَمْ تَكُنْ سِبْتِيَّةً. وَكَانَتْ أَرْدِيَةُ ابْنِ عَوْنٍ مَفْتُولَةً وَكَانَتْ ثِيَابَ ابْنِ عَوْنٍ تَمَسُّ ظَهْرَ قَدَمِهِ. أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ أَبُو قَطَنٍ قَالَ: رَأَيْتُ بَعْضَ أَسْنَانِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ مَشْدُودَةً بِالذَّهَبِ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَتَمَنَّى أَنْ يَرَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَرَهُ إِلا قَبْلَ وَفَاتِهِ بِيَسِيرٍ فَسُرَّ بِذَلِكَ سُرُورًا شَدِيدًا فَنَزَلَ مِنْ دَرَجَتِهِ إِلَى مَسْجِدٍ كَانَ فِي الدَّارِ. قَالَ: فَسَقَطَ فَأُصِيبَ فِي رِجْلِهِ فَلَمْ يُعَالِجْهَا حتى مات. وكفن في برد شراه مائتي دِرْهَمٍ فَمَاكَسَنَا بَنُوهُ وَقَالُوا: لا نَشْتَرِي إِلا بِدُونِ ذَلِكَ. فَقَالَتْ عَمَّتِي. وَكَانَتِ امْرَأَتَهُ: احْسِبُوا الْبَاقِيَ عَلَيَّ. قَالَ: وَحَضَرَتْ وَفَاةُ ابْنِ عَوْنٍ فَكَانَ مُوَجَّهًا حَتَّى قُبِضَ يَذْكُرُ اللَّهَ حَتَّى غَرْغَرَ بِالْمَوْتِ. قَالَ: وَقَالَتْ لِي عَمَّتِي أُمُّ مُحَمَّدٍ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سيرين: اقرأ عِنْدَ ابْنِ عَوْنٍ سُورَةَ يس. فَقَرَأْتُهَا. قَالَ: وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشَدَّ عَقْلا عِنْدَ الْمَوْتِ مِنَ ابْنَ عَوْنٍ. وَمَا كَانَ يَزِيدُ أَنْ يَقُولَ بِالثَّوْبِ هَكَذَا يَرْفَعْهُ عَنْ بَطْنِهِ. وَمَاتَ فِي السَّحَرِ فَمَا قَدَرْنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْهِ حَتَّى وَضَعْنَاهُ فِي مِحْرَابِ الْمُصَلَّى. غَلَبَنَا عَلَيْهِ النُّعَاسُ. أَخْبَرَنَا بَكَّارُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: مَاتَ ابْنُ عَوْنٍ وَعَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا وَأَوْصَى بِخُمْسِ مَالِهِ بَعْدَ دَيْنِهِ إِلَى أبي فِي قَرَابَتِهِ الْمُحْتَاجِينَ وَغَيْرِ الْمُحْتَاجِينَ. قَالَ: وَكَانَ ابْنُ عَوْنٍ فِي مَرَضِهِ أَصْبَرَ مِنْ أَسَدٍ أَيْ مَا رَأَيْتُهُ يَشْكُو شَيْئًا مِنْ عِلَّتِهِ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يُخَلِّفْ دِرْهَمًا وَلا دِينَارًا وَإِنَّمَا خَلَّفَ دَارًا فِي الْعَطَّارِينَ وَدَارَهُ الَّتِي كَانَ يَسْكُنُهَا فِي سِكَّةِ الْمِرْبَدِ. قَالَ: وَمَاتَ. رَحِمَهُ اللَّهُ. فِي رَجَبٍ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ فِي خِلافَةِ أبي جَعْفَرٍ. وَصَلَّى عَلَيْهِ جَمِيلُ بْنُ مَحْفُوظٍ الأَزْدِيُّ صَاحِبُ شُرْطَةِ عُقْبَةَ بْنِ سَلْمٍ.
====================================
الذهبي - سير أعلام النبلاءعَبْدُ اللهِ بنُ عَوْنِ بن أَرْطَبَانَ المُزَنِيُّ مَوْلاَهُم
الإِمَامُ، القُدْوَةُ، عَالِمُ البَصْرَةِ، أَبُو عَوْنٍ المُزَنِيُّ مَوْلاَهُم، البَصْرِيُّ، الحَافِظُ.
حَدَّثَ عَنْ: أَبِي وَائِلٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالحَسَنِ، وَابْنِ سِيْرِيْنَ، وَالقَاسِمِ بنِ مُحَمَّدٍ، وَإِبْرَاهِيْمَ النَّخَعِيِّ، وَمُجَاهِدٍ، وَسَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ، وَمَكْحُوْلٍ، وَأَنَسِ بنِ سِيْرِيْنَ، وَثُمَامَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ، وَرَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ، وَزِيَادِ بنِ جُبَيْرٍ، وَعُمَيْرِ بنِ إِسْحَاقَ، وَنَافِعٍ، وَأَبِي رَجَاءٍ مَوْلَى أَبِي قِلاَبَةَ، وَخَلْقٍ.
وَمَا وَجَدْتُ لَهُ سَمَاعاً مِنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ، وَلاَ مِنْ صَحَابِيٍّ، مَعَ أَنَّهُ وُلِدَ فِي حَيَاةِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَطَبَقَتِه، وَكَانَ مَعَ أَنَسٍ بِالبَصْرَةِ، وَقَدْ وَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى أَنَساً وَعَلَيْهِ عِمَامَةُ خَزٍّ.
وُلِدَ: سَنَةَ سِتٍّ وَسِتِّيْنَ، وَكَانَ أَكْبَرَ مِنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ.
رَوَى عَنْهُ: سُفْيَانُ، وَشُعْبَةُ، وَابْنُ المُبَارَكِ، وَمُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ، وَعَبَّادُ بنُ العَوَّامِ، وَمُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَالنَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، وَإِسْمَاعِيْلُ بنُ عُلَيَّةَ، وَيَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ، وَإِسْحَاقُ الأَزْرَقُ، وَأَزْهَرُ السَّمَّانُ، وَأَبُو عَاصِمٍ النَّبِيْلُ، وَقُرَيْشُ بنُ
أَنَسٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، وَعُثْمَانُ بنُ عُمَرَ بنِ فَارِسٍ، وَالأَصْمَعِيُّ، وَبَكَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ السِّيْرِيْنِيُّ، وَمُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، وَخَلْقٌ سِوَاهُم.وَكَانَ مِنْ أَئِمَّةِ العِلْمِ وَالعَمَلِ.
قَالَ هِشَامُ بنُ حَسَّانٍ: لَمْ تَرَ عَيْنَايَ مِثْلَ ابْنِ عَوْنٍ.
قَالَ مِثْلَ هَذَا القَوْلِ، وَقَدْ رَأَى الحَسَنَ البَصْرِيَّ.
وَقَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً أَفْضَلَ مِنِ ابْنِ عَوْنٍ.
وَقَالَ شُعْبَةُ: شَكُّ ابْنِ عَوْنٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ يَقِيْنِ غَيْرِه.
مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ غَيْلاَنَ القَدَرِيَّ مَصلُوباً عَلَى بَابِ دِمَشْقَ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ ثِقَةً، كَثِيْرَ الحَدِيْثِ، وَرِعاً، عُثْمَانِيّاً.
قَالَ: وَأَنْبَأَنَا بَكَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ أَنَسَ بنَ مَالِكٍ تُقَادُ بِهِ دَابَّتُه.
مُحَمَّدُ بنُ سُلَيْمَانَ المِنْقَرِيُّ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بنَ المَدِيْنِيِّ يَقُوْلُ:
كُنَّا عِنْدَ يَحْيَى القَطَّانِ، فَتَذَاكَرُوا الأَعْمَشَ، وَابْنَ عَوْنٍ، فَقَالُوا:
الأَعْمَشُ رَأَى غَيْرَ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فَقَالَ يَحْيَى بنُ سَعِيْدٍ: سَمِعَ ابْنُ عَوْنٍ مِنْ فُقَهَاءِ أَهْلِ الأَرْضِ، سَمِعَ بِالبَصْرَةِ مِنَ الحَسَنِ وَمُحَمَّدٍ، وَبِالكُوْفَةِ مِنْ إِبْرَاهِيْمَ وَالشَّعْبِيِّ، وَبِمَكَّةَ مِنْ سَعِيْدِ بنِ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٍ، وَبِالشَّامِ مِنْ مَكْحُوْلٍ وَرَجَاءِ بنِ حَيْوَةَ.
مَحْمُوْدُ بنُ غَيْلاَنَ: حَدَّثَنَا النَّضْرُ بنُ شُمَيْلٍ، قَالَ:
كَانَ رَجُلٌ يُلاَزِمُ ابْنَ عَوْنٍ، فَقِيْلَ لَهُ: بَلَغَ حَدِيْثُ ابْنِ عَوْنٍ أَرْبَعَةَ آلاَفٍ؟
قَالَ: أَضْعَفُ.
قِيْلَ: سِتَّةٌ؟
فَسَكَتَ الرَّجُلُ.
قَالَ النَّضْرُ: وَسَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: شكُّ ابْنِ عَوْنٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ يَقِيْنِ غَيْرِه.
وَرَوَاهَا: المُقْرِئُ، عَنْ شُعْبَةَ.
وَسُئِلَ ابْنُ عُلَيَّةَ: مَنْ حُفَّاظُ البَصْرَةِ؟
فَذَكَرَ: ابْنَ عَوْنٍ، وَجَمَاعَةً.
مُحَمَّدُ بنُ سَلاَّمٍ الجُمَحِيُّ: سَمِعْتُ وُهَيْباً يَقُوْلُ: دَارَ أَمرُ البَصْرَةِ عَلَى
أَرْبَعَةٍ: أَيُّوْبَ، وَيُوْنُسَ، وَابْنِ عَوْنٍ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ.قَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُوْلُ:
مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَبطنَ بِالحَسَنِ مِنَّا، وَاللهِ لَقَدْ أَتَيْتُ مَنْزِلَه فِي يَوْمٍ حَارٍّ، وَلَيْسَ هُوَ فِي مَنْزِلِهِ، فَنِمتُ عَلَى سَرِيْرِه، فَلَقَدِ انْتبَهْتُ وَإِنَّهُ لَيُرَوِّحُنِي.
رَوَى: إِبْرَاهِيْمُ بنُ رُسْتُمَ، عَنْ خَارِجَةَ بنِ مُصْعَبٍ، قَالَ:
صَحِبتُ ابْنَ عَوْنٍ أَرْبَعاً وَعِشْرِيْنَ سَنَةً، فَمَا أَعْلَمُ أَنَّ المَلاَئِكَةَ كَتَبتْ عَلَيْهِ خَطِيئَةً.
وَعَنْ سَلاَّمِ بنِ أَبِي مُطِيْعٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ أَملَكَهم لِلِسَانِه.
مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: حَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ يُوْنُسَ بنِ عُبَيْدٍ أَنَّهُ قَالَ:
إِنِّي لأعرِفُ رَجُلاً مُنْذُ عِشْرِيْنَ سَنَةً، يَتَمَنَّى أَنْ يَسلَمَ لَهُ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ ابْنِ عَوْنٍ، فَمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ.
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: مَا رَأَيْتُ مُصَلِّياً مِثْلَ ابْنِ عَوْنٍ.
وَقَالَ رَوْحُ بنُ عُبَادَةَ: مَا رَأَيْتُ أَعَبْدَ مِنِ ابْنِ عَوْنٍ.
قَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ هِشَامَ بنَ حَسَّانٍ يَقُوْلُ: حَدَّثَنِي مَنْ لَمْ تَرَ عَيْنَايَ مِثْلَه.
فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: اليَوْمَ يَسْتبِيْنُ فَضْلُ الحَسَنِ، وَابْنِ سِيْرِيْنَ.
قَالَ: فَأشَارَ بِيَدِهِ إِلَى ابْنِ عَوْنٍ وَهُوَ جَالِسٌ.
عَنْ عُثْمَانَ البَتِّيِّ، قَالَ: لَمْ تَرَ عَيْنَايَ مِثْلَ ابْنِ عَوْنٍ.
وَرُوِيَ عَنِ: القَعْنَبِيِّ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عَوْنٍ لاَ يَغضَبُ، فَإِذَا أَغضبَهُ رَجُلٌ، قَالَ: بَارَكَ اللهُ فِيْكَ.
وَعَنِ ابْنِ عَوْنٍ: أَنَّ أُمَّهُ نَادَتْهُ، فَأَجَابَهَا، فَعَلاَ صَوْتُهُ صَوْتَهَا، فَأَعتقَ رَقَبَتَيْنِ.
قَالَ بَكَّارٌ السِّيْرِيْنِيُّ: صَحِبتُ ابْنَ عَوْنٍ دَهْراً، فَمَا سَمِعْتُه حَالِفاً عَلَى يَمِيْنٍ بَرَّةٍ وَلاَ فَاجرَةٍ.
قَالَ قُرَّةُ بنُ خَالِدٍ: كُنَّا نَعجبُ مِنْ وَرعِ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ، فَأَنْسَانَاهُ ابْنُ عَوْنٍ.
قَالَ بَكَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ يَصُوْمُ يَوْماً، وَيُفْطِرُ يَوْماً.
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ مَهْدِيٍّ: مَا كَانَ بِالعِرَاقِ أَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ مِنِ ابْنِ عَوْنٍ.قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنِي صَاحِبٌ لِي، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ:
أَنَّهُ سَأَلَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: أَرَى قَوْماً يَتَكَلَّمُوْنَ فِي القَدَرِ، أَفَأَسْمَعُ مِنْهُم؟
فَقَالَ: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِيْنَ يَخُوْضُوْنَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُم ... } إِلَى قَوْلِه: {الظَّالِمِيْنَ} [الأَنْعَامُ: 68] .
قَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: مَا رَأَيْتُ رَجُلاً أَعْظَمَ رَجَاءً لأَهْلِ الإِسْلاَمِ مِنِ ابْنِ عَوْنٍ، لَقَدْ ذُكِرَ عِنْدَه الحَجَّاجُ وَأَنَا شَاهِدٌ.
فَقِيْلَ: يَزْعُمُوْنَ أَنَّكَ تَسْتَغْفِرُ لَهُ؟
فَقَالَ: مَا لِي أَسْتَغْفِرُ لِلْحَجَّاجِ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ، وَمَا بَيْنِي وَبَيْنَه؟ وَمَا كُنْتُ أُبالِي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لَهُ السَّاعَةَ.
ابْنُ سَعْدٍ: أَخْبَرَنَا الأَنْصَارِيُّ، قَالَ:
حَدَّثَ هِشَامٌ مرَّةً، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: مَنْ حَدَّثكَ بِهِ؟
قَالَ: مَنْ لَمْ تَرَ عَيْنَايَ -وَاللهِ- مِثْلَه قَطُّ، عَبْدُ اللهِ بنُ عَوْنٍ.
رَوَى: بَهِيْمٌ العِجْلِيُّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ، سَمِعْتُ الأَوْزَاعِيَّ يَقُوْلُ:
إِذَا مَاتَ ابْنُ عَوْنٍ، وَالثَّوْرِيُّ، اسْتَوَى النَّاسُ.
عَلِيُّ بنُ بَكَّارٍ: عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الفَزَارِيِّ، قَالَ الأَوْزَاعِيُّ:
لَوْ خُيِّرتُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ مَنْ يَنْظُرُ لَهَا، مَا اخْترتُ إِلاَّ سُفْيَانَ وَابْنَ عَوْنٍ.
أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: عَنْ شُعْبَةَ، قَالَ:
مَا رَأَيْتُ قَطُّ مِثْلَ أَيُّوْبَ، وَيُوْنُسَ، وَابْنِ عَوْنٍ.
مُعَاذٌ: عَنْ شُعْبَةَ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ، إِلاَّ وَهُوَ يُدَلِّسُ، إِلاَّ ابْنَ عَوْنٍ، وَعَمْرَو بنَ مُرَّةَ.
Шу'ба сказал, что все асхаб аль-ахадис совершали тадлис, кроме Ибн Ауна и Амра ибн Мурры
قَالَ ابْنُ المُبَارَكِ: مَا رَأَيْتُ أَحَداً مِمَّنْ ذُكِرَ لِي، إِلاَّ كَانَ إِذْ رَأَيْتُه دُوْنَ مَا ذُكِرَ
لِي، إِلاَّ ابْنَ عَوْنٍ، وَحَيْوَةَ بنَ شُرِيْحٍ.قَالَ أَبُو دَاوُدَ: سَمِعْتُ أَبَا عَوَانَةَ يَقُوْلُ:
رَأَيْتُ الكُوْفَةَ، وَرَأَيْتُ النَّاسَ، مَا رَأَيْتُ مِثْلَ أَيُّوْبَ، وَيُوْنُسَ، وَابْنِ عَوْنٍ.
عَارِمٌ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، قَالَ:
فُقَهَاؤُنَا: أَيُّوْبُ، وَيُوْنُسُ، وَابْنُ عَوْنٍ.
قُلْتُ: هَؤُلاَءِ الثَّلاَثَةُ أَنْجُمُ البَصْرَةِ فِي الحِفظِ، وَفِي الفِقْهِ، وَفِي العِبَادَةِ، وَالفَضْلِ، وَرَابِعُهم: سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ - رَحِمَهُمُ اللهُ -.
قَالَ يَحْيَى بنُ يُوْسُفَ الذِّمِّيُّ: سَمِعْتُ أَبَا الأَحْوَصِ، قَالَ:
كَانَ يُقَالُ لابْنِ عَوْنٍ: سَيِّدُ القُرَّاءِ فِي زَمَانِهِ.
قَالَ عُثْمَانُ بنُ سَعِيْدٍ: سَأَلْتُ ابْنَ مَعِيْنٍ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، فَقَالَ: هُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ ثِقَةٌ.
مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: حَدَّثَنِي مُفَضَّلُ بنُ لاَحِقٍ، قَالَ: كُنَّا بِأَرْضِ الرُّوْمِ، فَخَرَجَ رُومِيٌّ يَدْعُو إِلَى المُبَارَزَةِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَقَتَلَه، ثُمَّ دَخَلَ فِي النَّاسِ، فَجَعَلتُ أَلوذُ بِهِ لأَعرِفَهُ، وَعَلَيْهِ المِغْفَرُ. فَوَضَعَ المِغْفَرَ يَمْسَحُ وَجْهَه، فَإِذَا ابْنُ عَوْنٍ!
Мухаммад ибн АбдАллах аль-Ансари: рассказал ему Муфаддаль ибн Ляхикъ, сказав: "Мы были на землях византийцев. Тогда один из них вышел и предложил провести бой перед битвой. Вышел один из нас и победил его, после чего вернулся назад к людям (в своё войско). Я начал ходить за ним, желая узнать, кто это, так как его лицо скрывал шлем. Когда же он его снял, чтобы протереть своё лицо, тогда я увидел Ибн Ауна".
عَلِيُّ بنُ الحَسَنِ بنِ شَقِيْقٍ: حَدَّثَنَا خَارِجَةُ بنُ مُصْعَبٍ، قَالَ:
جَالَستُ ابْنَ عَوْنٍ عِشْرِيْنَ سَنَةً، فَلَمْ أَظُنَّ أَنَّ المَلَكَيْنِ كَتَبَا عَلَيْهِ سُوءاً.
وَرَوَى نَحْوَهَا: عِصَامُ بنُ يُوْسُفَ، عَنْ خَارِجَةَ، إِلاَّ أَنَّهُ قَالَ: اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً.
مُحَمَّدُ بنُ سَعْدٍ: أَنْبَأَنَا بَكَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ:
كَانَ ابْنُ عَوْنٍ قَدْ أَوْصَى إِلَى أَبِي، وَصَحِبتُهُ دَهْراً، فَمَا سَمِعْتُه حَالِفاً عَلَى يَمِيْنٍ بَرَّةٍ وَلاَ فَاجِرَةٍ.
كَانَ طَيِّبَ الرِّيحِ، لَيِّنَ الكُسْوَةِ، وَكَانَ يَتَمَنَّى أَنْ يَرَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي النَّوْمِ، فَلَمْ يَرَهُ إِلاَّ قَبْلَ مَوْتِه بِيَسِيْرٍ، فَسُرَّ بِذَلِكَ سُرُوْراً شَدِيْداً.
قَالَ: فَنَزَلَ مِنْ دَرَجَتِه إِلَى المَسْجِدِ، فَسَقَطَ، فَأُصِيْبَتْ رِجْلُهُ، فَلَمْ يَزَلْ يُعَالِجُهَا حَتَّى مَاتَ -رَحِمَهُ اللهُ-.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ بنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدٍ البَلْخِيُّ، سَمِعْتُ مَكِّيَّ بنَ إِبْرَاهِيْمَ يَقُوْلُ:كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بنِ عَوْنٍ، فَذَكَرُوا بِلاَلَ بنَ أَبِي بُرْدَةَ، فَجَعَلُوا يَلْعَنُونَه، وَيَقَعُوْنَ فِيْهِ -يَعْنِي: لِجَوْرِه وَظُلمِه-.
قَالَ: وَابْنُ عَوْنٍ سَاكِتٌ.
فَقَالُوا لَهُ: إِنَّمَا نَذكُرُه لِمَا ارْتكبَ مِنْكَ.
فَقَالَ: إِنَّمَا هُمَا كَلِمتَانِ تَخْرُجَانِ مِنْ صَحِيْفَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَلَعنَ اللهُ فُلاَناً.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيْسَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بنُ سُلَيْمَانَ، عَنِ ابْنِ المُبَارَكِ، قَالَ:
قِيْلَ لابْنِ عَوْنٍ: أَلاَ تَتَكَلَّمُ فَتُؤْجَرَ؟
فَقَالَ: أَمَا يَرْضَى المُتكلِّمُ بِالكَفَافِ؟
رَوَى: مِسْعَرٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ: ذِكْرُ النَّاسِ دَاءٌ، وَذِكْرُ اللهِ دَوَاءٌ.
قُلْتُ: إِيْ وَاللهِ، فَالعجَبُ مِنَّا، وَمِنْ جَهلِنَا، كَيْفَ نَدَعُ الدَّوَاءَ، وَنقتحِمُ الدَّاءَ؟! قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: {فَاذْكُرُوْنِي أَذْكُرْكُمْ} [البَقَرَةُ: 153] ، {وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ} [العَنْكَبُوْتُ: 46] ، وَقَالَ: {الَّذِيْنَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوْبُهُم بِذِكْرِ اللهِ، أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القُلُوْبُ} [الرَّعْدُ: 29] وَلَكِنْ لاَ يَتَهَيَّأُ ذَلِكَ إِلاَّ بِتوفِيْقِ اللهِ، وَمَنْ أَدْمَنَ الدُّعَاءَ، وَلاَزَمَ قَرْعَ البَابِ، فُتِحَ لَهُ.
وَقَدْ كَانَ ابْنُ عَوْنٍ قَدْ أُوتِيَ حِلماً وَعِلماً، وَنَفْسُه زَكِيَّةٌ تُعِيْنُ عَلَى التَّقوَى، فَطُوْبَى لَهُ.
قَالَ بَكَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ السِّيْرِيْنِيُّ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ إِذَا حَدَّثَ بِالحَدِيْثِ، يَخشعُ عِنْدَه حَتَّى نَرْحَمَهُ، مَخَافَةَ أَنْ يَزِيْدَ أَوْ يَنْقِصَ.
وَكَانَ لاَ يَدعُ أَحَداً مِنْ أَصْحَابِ الحَدِيْثِ وَلاَ غَيْرَهم يَتبَعُهُ، وَمَا رَأَيْتُه يُمَارِي أَحَداً، وَلاَ يُمَازِحُه، مَا رَأَيْتُ أَملكَ لِلِسَانِه مِنْهُ، وَلاَ رَأَيْتُه دَخَلَ حَمَّاماً قَطُّ،
وَكَانَ لَهُ وَكِيْلٌ نَصْرَانِيٌّ يَجْبِي غَلَّتَهُ،
У него был христианин, который занимался его финансами и собирал его доходы
وَكَانَ لاَ يَزِيْدُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ عَلَى حُضُوْرِه المَكْتُوْبَةَ، ثُمَّ يَخلُو فِي بَيْتِهِ.
وَقَدْ سَعَتْ بِهِ المُعْتَزِلَةُ إِلَى إِبْرَاهِيْمَ بنِ عَبْدِ اللهِ
بنِ حَسَنٍ، الَّذِي خَرَجَ بِالبَصْرَةِ، فَقَالُوا: هَا هُنَا رَجُلٌ يُرَبِّثُ عَنْكَ النَّاسَ.فَأَرسلَ إِلَيْهِ إِبْرَاهِيْمُ: أَنْ مَا لِي وَلَكَ؟
فَخَرَجَ عَنِ البَصْرَةِ حَتَّى نَزَلَ القُرَيْظِيَّةَ، وَأَغلقَ بَابَه.
قَالَ الأَنْصَارِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَذْكُرُ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى سَلْمِ بنِ قُتَيْبَةَ، وَهُوَ أَمِيْرٌ، فَقَالَ: السَّلاَمُ عَلَيْكُم، لَمْ يَزِدْ. فَضَحِكَ سَلْمٌ، وَقَالَ: نَحتمِلُهَا لابْنِ عَوْنٍ -يَعْنِي: أَنَّهُ مَا سَلَّمَ بِالإِمْرَةِ-.
Сказал аль-Ансари: Однажды Ибн Аун вошёл к Сальму ибн Къутайбе, который был правителем, и сказал: "Ассаламу алайкум", ничего не добавив к этому [из эпитетов возвеличивания правителей]. Сальм рассмеялся и сказал: "Мы это стерпим от Ибн Ауна. То есть, он не поприветствоал его как правителя
وَلَقَدْ كَانَ ابْنُ عَوْنٍ بِخَيْرٍ، مُوسَعاً عَلَيْهِ فِي الرِّزقِ.
قَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: رَأَيْتُ عَلَيْهِ بُرْنُساً مِنْ صُوْفٍ، رَقِيْقاً، حَسَناً. فَقِيْلَ لَهُ: مَا هَذَا البُرْنُسُ يَا أَبَا عَوْنٍ؟ قَالَ: هَذَا كَانَ لابْنِ عُمَرَ، كَسَاهُ لأَنَسِ بنِ سِيْرِيْنَ، فَاشترَيتُه مِنْ تَرِكَتِهِ.
Му'аз ибн Му'аз сказал: "Я видел на нем шерстяную, тонкую накидку и спросил: «Что это за накидка, о Аби Аун?» Он сказал: "Это было Ибн Умара, которую он продал Анасу ибн Сирину. И я купил её из того, что он оставил"
قَالَ بَكَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ السِّيْرِيْنِيُّ: وَكَانَ لَهُ سُبْعٌ يَقرَؤُهُ كُلَّ لَيْلَةٍ، فَإِذَا لَمْ يَقرَأْهُ أَتَمَّهُ بِالنَّهَارِ، وَكَانَ يَغْزُو عَلَى نَاقتِه إِلَى الشَّامِ، فَإِذَا صَارَ إِلَى الشَّامِ، رَكِبَ الخَيْلَ، وَقَدْ بَارَزَ رُومِيّاً، فَقَتَلَ الرُّوْمِيَّ.
Сказал Бакар ибн Мухаммад ас-Сирини: «У него был обычай читать 1/7 Корана каждую ночь, если не не успевал прочитать, то заканчивал его днём. И он на своё верблюдице выходил в Шам (на сражения), а когда доходил до Шама, то пересаживался на коня и сражался с византийцами».
وَكَانَ إِذَا جَاءهُ إِخْوَانُه كَأَنَّ عَلَى رُؤُوْسهِمُ الطَّيرُ، لَهُم خُشُوْعٌ وَخُضُوعٌ، وَمَا رَأَيْتُه مَازحَ أَحَداً، وَلاَ يُنشِدُ شِعراً.
كَانَ مَشغُولاً بِنَفْسِهِ، وَمَا سَمِعْتُه ذَاكِراً بِلاَلَ بنَ أَبِي بُرْدَةَ بِشَيْءٍ قَطُّ.
وَلَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ قَوْماً قَالُوا لَهُ: يَا أَبَا عَوْنٍ! بِلاَلٌ فَعَلَ كَذَا.
فَقَالَ: إِنَّ الرَّجُلَ يَكُوْنَ مَظْلُوْماً، فَلاَ يَزَالُ يَقُوْلُ حَتَّى يَكُوْنَ ظَالِماً، مَا أَظُنُّ أَحَداً مِنْكُم أَشدَّ عَلَى بِلاَلٍ مِنِّي.
قَالَ: وَكَانَ بِلاَلٌ ضَرَبَه بِالسِّيَاطِ، لِكَوْنِهِ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَربِيَّةً.
وَكَانَ - فِيْمَا حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا - لابْنِ عَوْنٍ نَاقَةٌ يَغْزُو عَلَيْهَا، وَيَحُجُّ، وَكَانَ بِهَا مُعجَباً.
قَالَ: فَأَمرَ غُلاَماً لَهُ يَسْتَقِي عَلَيْهَا، فَجَاءَ بِهَا وَقَدْ ضَرَبَهَا
عَلَى وَجْهِهَا، فَسَالتْ عَيْنُهَا عَلَى خَدِّهَا.فَقُلْنَا: إِنْ كَانَ مِنِ ابْنِ عَوْنٍ شَيْءٌ، فَاليَوْمَ.
قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى النَّاقَةِ، قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ، أَفَلاَ غَيْرَ الوَجْهِ، بَاركَ اللهُ فِيْكَ، اخْرُجْ عَنِّي، اشْهَدُوا أَنَّهُ حُرٌّ.
قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَأَنْبَأَنَا بَكَّارٌ، قَالَ:
كَانَتْ ثِيَابُ ابْنِ عَوْنٍ تَمَسُّ ظَهرَ قَدَمَيْهِ، وَكَانَ زَوْجَ عَمَّتِي أُمَّ مُحَمَّدٍ ابْنَةِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمَّدِ بنِ سِيْرِيْنَ.
قَالَ أَبُو قُطْنٍ: رَأَيْتُ بَعْضَ أَسْنَانِ ابْنِ عَوْنٍ مَشدُودَةً بِالذَّهَبِ.
حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بنِ فَضَاءٍ، قَالَ:
رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي المَنَامِ، فَقَالَ: (زُوْرُوا ابْنَ عَوْنٍ، فَإِنَّهُ يُحِبُّ اللهَ وَرَسُوْلَهُ، أَوْ أَنَّ اللهَ يُحِبُّه وَرَسُوْلَه) .
قَالَ بَكَّارُ بنُ مُحَمَّدٍ: سَقطَ ابْنُ عَوْنٍ، وَأُصِيْبَتْ رِجْلُهُ، فَتَعلَّلَ، وَمَاتَ، فَحَضَرتُ وَفَاتَهُ، فَكَانَ حِيْنَ قُبِضَ مُوجَّهاً يَذْكُرُ اللهَ -تَعَالَى- حَتَّى غَرْغَرَ.
فَقَالَتْ عَمَّتِي: اقْرَأْ عِنْدَه سُوْرَةَ يس، فَقَرَأتُهَا.
وَمَاتَ فِي السَّحَرِ، وَمَا قَدرنَا أَنْ نُصَلِّيَ عَلَيْهِ حَتَّى وَضَعنَاهُ فِي مِحْرَابِ المُصَلَّى، غَلَبنَا النَّاسُ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَمَاتَ وَعَلَيْهِ مِنَ الدَّينِ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفاً، وَأَوْصَى بِخُمُسِ مَالِه بَعْدَ وَفَاءِ دَيْنِه، إِلَى أَبِي فِي قَرَابتِه المُحْتَاجِينَ، وَلَمْ أَرَهُ يَشكُو فِي عِلَّتِهِ، وَكَفَّنُوْهُ فِي بُرْدٍ، شِرَاؤُهُ مائَتَا دِرْهَمٍ، وَلَمْ يُخَلِّفْ دِرْهَماً، إِنَّمَا خَلَّفَ دَارَيْنِ.
وَمَاتَ: فِي شَهْرِ رَجَبٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
وَكَذَا أَرَّخَ مَوْتَه: يَحْيَى القَطَّانُ فِيْهَا، وَالأَصْمَعِيُّ، وَسَعِيْدٌ الضُّبَعِيُّ، وَأَبُو نُعَيْمٍ، وَسُلَيْمَانُ بنُ حَرْبٍ، وَخَلِيْفَةُ، وَابْنُ مَعِيْنٍ، وَهُوَ الصَّحِيْحُ.
وَقَالَ المُقْرِي، وَمَكِّيُّ بنُ إِبْرَاهِيْمَ: سَنَةَ خَمْسِيْنَ وَمائَةٍ.
قُلْتُ: عَاشَ خَمْساً وَثَمَانِيْنَ سَنَةً، وَتُوُفِّيَ بِالبَصْرَةِ، وَتَرْجَمَتُه فِي كُرَّاسَيْنِ مِنْ (تَارِيْخِ دِمَشْقَ) .يَقع لِي مِنْ عَوَالِيْهِ.
أَخْبَرَنَا عُمَرُ بنُ عَبْدِ المُنْعِمِ قِرَاءةً عَلَيْهِ، عَنْ أَبِي اليُمْنِ زَيْدِ بنِ الحَسَنِ، وَكَتَبَ إِلَى يَحْيَى بنِ أَبِي مَنْصُوْرٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو اليُمْنِ الكِنْدِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ البَاقِي، أَنْبَأَنَا إِبْرَاهِيْمُ بنُ عُمَرَ الفَقِيْهُ حُضُوْراً، فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَأَرْبَعِيْنَ وَأَرْبَعِ مائَةٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ مَاسِي، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْلِمٍ الكَجِّيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بنَ بَشِيْرٍ، قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوَاللهِ لاَ أَسْمَعُ أَحَداً بَعْدَه يَقُوْلُ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (إِنَّ الحَلاَلَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُوْرٌ مُشْتَبِهَاتٌ - وَرُبَّمَا قَالَ: مُشْتَبِهَةٌ - وَسَأَضْرِبُ لَكُم فِي ذَلِكَ مَثَلاً: إِنَّ اللهَ حَمَى حِمَىً، وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَا حَرَّمَ اللهُ، وَإِنَّهُ مَنْ يَرْعَ حَوْلَ الحِمَى يُوْشِكُ أَنْ يُخَالِطَ الحِمَى - وَرُبَّمَا قَالَ: مَنْ يُخَالِطُ الرِّيْبَةَ، يُوْشِكُ أَنْ يَجْسُرَ -) .
مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَدْ رَوَاهُ: مُسْلِمٌ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ اللَّيْثِ، عَنْ خَالِدِ بنِ يَزِيْدَ، عَنْ سَعِيْدِ بنِ أَبِي هِلاَلٍ، عَنْ عَوْنِ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ.
فَكَأَنَّ شَيْخَنَا ابْنَ الصَّيْرَفِيِّ سَمِعَهُ مِنْ مُسْلِمٍ.
وَسَمِعْتُه مِنْ إِسْمَاعِيْلَ بنِ الفَرَّاءِ، وَأَحْمَدَ بنِ العِمَادِ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ بنُ قُدَامَةَ، أَنْبَأَنَا هِبَةُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الدَّقَّاقُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ، أَنْبَأَنَا أَبُو الحُسَيْنِ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ المُعَدَّلُ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ عُمَرَ، وَالرَّزَّازُ، حَدَّثَنَا سَعْدَانُ
بنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بنُ شَبِيْبٍ، عَنْ عَمْرِو بنِ قَيْسٍ الملاَئِيِّ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بن بَشِيْرٍ، قَالَ:قَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (الحَلاَلُ بَيِّنٌ وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ، مَنْ تَرَكَهُنَّ اسْتَبْرَأَ لِدِيْنِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ يَرْكَبْهُنَّ يُوْشِكُ أَنْ يَرْكَبَ الحَرَامَ، كَالرَّاعِي إِلَى جَنْبِ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيْهِ، وَلِكُلِّ مَلِكٍ حِمَىً، وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ ) .
أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيْلُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ أَحْمَدَ، أَنْبَأَنَا أَبُو الفَتْحِ بنُ النَّبَطِيِّ (ح) .
وَأَنْبَأَتْنَا سِتُّ الأَهْلِ بِنْتُ عُلْوَانَ، أَنْبَأَنَا البَهَاءُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، أَخْبَرَتْنَا شُهْدَةُ بِنْتُ أَحْمَدَ، قَالاَ:
أَنْبَأَنَا الحُسَيْنُ بنُ أَحْمَدَ النِّعَالِيُّ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ، أَنْبَأَنَا أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عَمْرِو بنِ البَخْتَرِيِّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بنُ جَعْفَرٍ، أَنْبَأَنَا عَلِيُّ بنُ عَاصِمٍ، أَنْبَأَنَا ابْنُ عَوْنٍ، عَنْ إِبْرَاهِيْمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، وَمَسْرُوْقٍ، عَنْ عَائِشَةَ:
أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يُبَاشِرُهَا وَهُوَ صَائِمٌ.
ثُمَّ قَالَتْ: وَأَيُّكُم أَمْلَكُ لأَرَبِهِ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَرَأْتُ عَلَى أَبِي الفَضْلِ أَحْمَدَ بنِ هِبَةِ اللهِ، فِي سَنَةِ ثَلاَثٍ وَتِسْعِيْنَ، عَنْ عَبْدِ المُعِزِّ بنِ مُحَمَّدٍ البَزَّازِ، وَزَيْنَبَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الشَّعْرِيَّةِ (ح) .وَقَرَأْتُ عَلَى إِسْحَاقَ بنِ طَارِقٍ، أَنْبَأَنَا يُوْسُفُ بنُ خَلِيْلٍ، أَنْبَأَنَا ثَابِتُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ مَعْمَرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ الإِصْبَهْبَذُ، وَطَائِفَةٌ، قَالُوا:
أَنْبَأَنَا زَاهِرُ بنُ طَاهِرٍ، أَنْبَأَنَا إِسْحَاقُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الصَّابُونِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ بنُ مُحَمَّدِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ الرَّازِيُّ، أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بنُ أَيُّوْبَ الرَّازِيُّ، حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بنُ إِبْرَاهِيْمَ، قَالَ:
سَأَلْتُ ابْنَ عَوْنٍ، فَحَدَّثَنِي، قَالَ: أَتَيْتُ أَبَا وَائِلٍ وَقَدْ عَمِيَ، فَقُلْتُ لِمَوْلاَةٍ لَهُ: قُوْلِي لأَبِي وَائِلٍ: حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ.
فَقَالَتْ: يَا أَبَا وَائِلٍ! حَدِّثْهُم مَا سَمِعْتَ مِنْ عَبْدِ اللهِ.
قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ مَسْعُوْدٍ يَقُوْلُ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ! إِنَّكُم لَمَجْمُوْعُوْنَ فِي صَعِيْدٍ وَاحِدٍ، يَسْمَعُكمُ الدَّاعِي، وَيَنفذكم البَصرُ، أَلاَ وَإِنَّ الشَّقِيَّ مَنْ شَقِيَ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَالسَّعِيْدَ مَنْ وُعِظَ بِغَيْرِهِ.
قَالَ خَلِيْفَةُ بنُ خَيَّاطٍ: حَدَّثَنَا الوَلِيْدُ بنُ هِشَامٍ القَحْذَمِيُّ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ أَبِيْهِ، عَنْ جَدِّهِ أَرْطَبَانَ، قَالَ:
كُنْتُ شَمَّاساً فِي بَيْعَةِ مَيْسَانَ، فَوَقَعتُ فِي السَّهمِ لِعَبْدِ اللهِ بنِ دُرَّةَ المُزَنِيِّ.
قَالَ أَحْمَدُ العِجْلِيُّ: أَهْلُ البَصْرَةِ يَفخُرُوْنَ بِأَرْبَعَةٍ: أَيُّوْبَ، وَيُوْنُسَ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، وَابْنِ عَوْنٍ.
قَالَ مُعَاذُ بنُ مُعَاذٍ: سَمِعْتُ ابْنَ عَوْنٍ يَقُوْلُ:
مَا بَقِيَ أَحَدٌ أَبطنَ بِالحَسَنِ مِنَّا، وَاللهِ لَقَدْ أَتَيْتُ مَنْزِلَه فِي يَوْمٍ حَارٍّ، وَلَيْسَ هُوَ فِي مَنْزِلِهِ، فَنِمتُ عَلَى
سَرِيْرِه، فَلَقَدِ انْتبهتُ، وَإِنَّهُ لَيُرَوِّحُنِي.وَرَوَى: حَمَّادُ بنُ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، قَالَ:
قِلْتُ عِنْدَ الحَسَنِ، وَمُحَمَّدٍ، فَكِلاَهمَا لَمْ يَزَالاَ قَائِمَيْنِ عَلَى أَرْجُلِهمَا، حَتَّى فُرِشَ لِي.
قَالَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِيُّ: سَمِعْتُ عُثْمَانَ البَتِّيَّ يَقُوْلُ فِي شهَادَةِ الرَّجُلِ لأَبِيْهِ: لاَ يَجُوْزُ، إِلاَّ أَنْ يَكُوْنَ مِثْلَ ابْنِ عَوْنٍ.
قَالَ الأَنْصَارِيُّ: وَبِهِ آخذُ، قَدْ شَهِدتُ عِنْدَ سَوَّارِ بنِ عَبْدِ اللهِ لأَبِي بِشهَادَةٍ، فَقَبِلَهَا.
وَرَوَى: أَبُو عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ مَهْدِيٍّ، قَالَ:
مَا كَانَ بِالعِرَاقِ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِالسُّنَّةِ مِنِ ابْنِ عَوْنٍ.
قُلْتُ: كَانَ ابْنُ عَوْنٍ عدِيْمَ النَّظِيْرِ فِي وَقْتِه، زُهْداً، وَصَلاَحاً.
======================================
ابن منظور - مختصر تاريخ دمشق
عبد الله بن عون بن أرطبان
أبو عون مولى مزينة، من أهل البصرة، أحد الأئمة، أدرك أنس بن مالك، قدم دمشق.
روى عن نافع، عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من أتى الجمعة فليغتسل ".
روى عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن الله تعالى خلق الجنة وخلق لها أهلاً بعشائرهم وقبائلهم، لا يزاد فيهم رجل، ولا ينقص منهم، وخلق النار، وخلق لها أهلاً بعشائرهم وقبائلهم، لا يزاد فيهم، ولا ينقص منهم " قيل: يا رسول الله، ففيم العمل؟ قال: " اعملوا فكل ميسر لما خلق له ".
وروى عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة ".
قال ابن عون: أنا رأيت غيلان القدري مصلوباً على باب دمشق.
قال ابن عون: حدثني أبي، عن جدي أرطبان قال: لما عتقت اكتسبت مالاً، فأتيت عمر بن الخطاب بزكاته، فقال لي: ما هذا؟ قلت: زكاة مالي، قال: أولك مال؟ قلت: نعم، قال: بارك الله لك في مالك وولدك.
وكان أرطبان شماساً في بيعة ميسان، فوقع في السهم لعبد الله بن ذرة المزني، وقيل: لعبد الله ابن معقل المزني.
قال ابن عون: رأيت على أنس بن مالك جبةً وعمامةً وكساء خزٍّ، ورأيته تقاد به دابته، لا يلقى ما ألقى أنا، لقد تركوني ما أقدر أن أخرج إلى حاجة!
قال حماد بن زيد: مكث ابن عون بالبصرة نحواً من سبعين سنة أو سنتين وليس له في أيدي الناس إلا ثمانية أو سبعة أحاديث حتى مات أيوب.
قال شعبة: شك ابن عون أحب إلي من يقين غيره.
ولد ابن عون سنة ست وستين، ومات سنة إحدى وخمسين ومائة.
حدث هشام بن حسان مرةً، فقال له رجل: من حدثك به؟ قال: من لم تر عيناي والله مثله قط؛ عبد الله بن عون، وما استثني الحسن، ولا ابن سيرين، وقدم هشام مرةً من مكة، فأتى ابن عون، فقال: والله ما أتيت أهلي، ولا أحداً حتى أتيتك.
قال مالك بن أنس للثوري: يا أبا عبد الله، من خلفت بالعراق؟ قال: فكرهت أن أذكر له أهل الكوفة، قال: فقلت له: تركت بها أيوب، ويونس بن عبيد، وابن عون والتيمي، قال: فقال لي: ذكرت الناس.
عن أبي إسحاق الفزاري قال: كنت عند الأوزاعي، فقال: لو خيرت لهذه الأمة من ينظر لها، ويختار لها ما اخترت لها إلا سفيان بن سعيد، وعبد الله بن عون.
وقال: إذا مات ابن عون وسفيان الثوري استوى الناس.
قال سفيان الثوري:
دخلت البصرة فرأيت أربعة أئمة: سليمان التيمي، وأيوب السختياني، وابن عون، ويونس، كل يقول: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، فرجعت عن قولي، فقلت كما قالوا: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وكان قوله: بكر، وعمر، وعلي، وعثمان.
عن ابن عون أنه نادته أمه، فأجابها، فعلا صوته صوتها، فأعتق رقبتين.
عن عباد المهلبي قال: أتيت ابن عون، فسلمت عليه، قال: فرجعت إلى البيت، فإذا أنا بإنسان قد ضرب الباب، فإذا هو ابن عون، فقلت: ادخل فما جاء به إلا أمر، وإنما فارقته الساعة، فقلت: يا بن عون، مه؟ قال: أردت أن آتيك، فأسلم عليك، فكرهت أن أعوّد نفسي هذه العادة؛ أن أنوي شيئاً ثم لا أفي به.
قال ابن المبارك: ما رأيت أحداً ذُكر لي قبل أن ألقاه ثم لقيته إلا وهو على دون ما ذكر لي، إلا حيوة بن شريح، وابن عون، وسفيان؛ فأما ابن عون فلوددت أني لزمته حتى أموت، أو يموت.
وقيل لابن المبارك: ابن عون بمَ ارتفع؟ قال: بالاستقامة.
كان يقال لابن عون سيد القراء في زمانه، وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً.
وكان ابن عون إذا غضب على أحدٍ من أهله قال: بارك الله فيك، فقال: أنا بارك الله فيّ؟ قال: نعم، فقال بعض من حضر: ما قال لك إلا خيراً، قال: ما قال لي هذا حتى أجهد. وكان يأتيه السابري من سابور؛ فإذا أراد أن يبيعه أخرجه إلى صحن الدار، فيريهم المتاع، قال: فيشترونه منه، قال: وكان له جار مجوسي يأتيه السابري من سابور، فإذا أراد أن يبيعهم أدخلهم في موضع مظلم، فكانوا لا يشترون من المجوسي شيئاً حتى لا يصيبوا عند ابن عون شيئاً.
قال بكار بن محمد: صحبت ابن عونٍ دهراً من الدهر حتى مات، وأوصى إلى أبي، فما سمعته حالفاً على يمينٍ برةٍ ولا فاجرة حتى فرق الموت بيننا، وما رأيت بيد ابن عون ديناراً، ولا درهماً
قط، ولا رأيته يزن شيئاً قط، وكان إذا توضأ للصلاة لا يعينه عليه أحد، وكان يمسح وجهه بالمنديل إذا توضأ أو بخرقة، وكان لا يبكر إلى الجمعة ذاك التبكير الذي يُعرف، ولا يؤخرها، وكان أحب الأمور إليه أوسطها، والاختلاط بالجماعة، وكان يغتسل للجمعة والعيدين، ويتطيب للجمعة والعيدين، ويرى ذلك سُنة، وكان طيب الريح في سائر الأيام، لين الكسوة، وكان يلبس للجمعة والعيدين أنظف ثيابه، وكان يأتي الجمعة ماشياً وراكباً، ولا يقيم بعد صلاة الجمعة، وكان في شهر رمضان لا يزيد على المكتوبة في الجماعة، ثم يخلو في بيته، وكان إذا خلا في منزله إنما هو صامت، ولا يزيد على الحمد لله ربنا، وكان إذا وصل إنساناً وصله سراً، وإن صنع شيئاً صنع سراً، يكره أن يطلع عليه أحد، وكان لابن عون سُبْع يقرؤه كل ليلة، فإذا لم يقرأه بالليل أتمه بالنهار.
عن عباد المهلبي قال: سأل رجل ابن عون عن الوتر، أي متى يُوتر؟ قال: فحدثه بما كانوا يفعلون، قال: فقال: حدثني كيف تفعل أنت، فقال: كفى بالرجل ما يخطئ في نفسه.
قال بكار بن محمد: كان ابن عون يغزو على ناقته إلى الشام، فإذا صار إلى الشام ركب الخيل، قال: وبارز ابن عون رومياً، فقتله، وكان إذا جاءه إخوانه فكأن على رؤوسهم الطير، لهم خشوع وخضوع ليس أراه لأحد، وكان يرد عليهم: وعليكم السلام ورحمة الله، وكان لا يدع أحداً من أصحاب الحديث، ولا غيرهم يتَّبعه، واتبع ابن عون محمد بن سيرين يوماً، فقال: ألك حاجة؟ قال: لا، قال: فانصرف، وما رأيت ابن عون يمازح أحداً، ولا يماري أحداً، ولا ينشد شعراً؛ وكان مشغولاً بنفسه، وكان إذا صلى الغداة مكث مستقبلاً القبلة في مجلسه يذكر الله، فإذا طلعت الشمس صلى، ثم أقبل على
أصحابه، وما رأيت ابن عون شاتماً أحداً قط: عبداً، ولا أمةً، ولا شاةً، ولا دجاجةً، ولا شيئاً، ولا رأيت أحداً أملك للسانه منه.
وكان ابن عون قد سمع بالكوفة علماً كثيراً، فعرضه على محمد، قال محمد: ما أحسن هذا! حدث به. وما كان سوى ذلك أمسك عنه حتى مات وكان إذا حدث بالحديث تخشع عنده حتى نرحمه، مخافة أن يزيد أو ينقص.
عن سلام بن أبي مطيع قال:
لما بعث سليمان بن علي بالألفين إلى يونس وابن عون، فقبلها يونس، فدخلت عليه، فقال: يا أبا سعيد ما اكتسبت مالاً قط أطيب عندي منه، قال: وكان الرسول فيها حميد، قال: وأما ابن عون فأقبل على حميد فقال: ما لي ولك يا حميد، ما لي ولك يا حميد! أتستطيع أن تخرجني مما أدخلتني فيه؟! قال: فأبى أن يقبلها.
قال عصام بن يوسف: سمعت خارجة بن مصعب يقول: صحبت ابن عون ثنتي عشرة سنة، فما رأيته تكلم بكلمة كتبها عليه الكرام الكاتبون.
قال بكار بن محمد: حدثني بعض أصحاب ابن عون قال: كان له ناقة يغزو عليها، ويحج عليها، وكان بها معجباً، فأمر غلاماً له يستقي عليها، فجاء بها وقد ضربها على وجهها، فسالت عينها على خدها، قلنا: إن كان من ابن عون شيء فاليوم! قال: فلم يلبث أن نزل إلينا فلما نظر إلى الناقة قال: سبحان الله أفلا غير الوجه؟ بارك الله فيك، اخرج عني، اشهدوا أنه حر! وقال بكار بن محمد: ما سمعت ابن عون ذاكراً بلال بن أبي بردة بشيءٍ قط، ولقد بلغني أن قوماً قالوا:
يا أبا عون، بلال فعل، فقال: إن الرجل يكون مظلوماً فلا يزال يقول حتى يكون ظالماً، ما أظن أحداً منكم أشد على بلالٍ مني، قال: وكان بلال قد ضربه بالسياط لأنه كان تزوج امرأة عربية.
قيل لابن عون: ألا تتكلم، فتؤجر؟ قال: أما يرضى المتكلم بالكفاف؟ قال إبراهيم بن رستم: كنت عند ابن عون ببغداد إذا جاءت الجارية وبيدها قصعة، فسقطت القصعة من يدها، وفزعت، فنظر إليها ابن عون، فقال لها بالفارسية: أخفت مني؟ قالت: نعم، فقال لها: فأنت حرة، فأنت حرة.
قال ابن عون: يا إخوتاه، أوصيكم بثلاثٍ: بقراءة القرآن، ولزوم السنة، والكف عن الناس.
سلم عمرو بن عبيد على ابن عون فلم يرد عليه، وجلس إليه، فقام عنه.
قال سليم بن أخضر: أردت السفر إلى مكة، فأتيت ابن عون لأودعه، فقال: يا سليم، اتق الله، وعليك بالإحسان؛ فإن المحسن معان، " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ".
عن عبد الله بن عون: أما بعد، فاتهم الشيطان على دينك، واحذره على نعمة الله عليك أن يفتنك كما أخرج أبويك من الجنة، فإنه عدو مضل مبين، عدو للحق، ولي للباطل، قاعد بصراط الله المستقيم، يصد عن صراط الجنة، ويدعو إلى سبيل النار، وقد صارع كل خصلةٍ من الطاعة شهوة من المعصية، وكل شريعة من الهدى شريعة من الضلالة، حريص على أن يصدق ظنه، وأن يكثر نفعه، من هنالك سأل النظرة إلى الوقت المعلوم، اعلم أنه يعرض
الشهوات على العباد كلها، والمعاصي صغيرها وكبيرها، كلما عرض على عبدٍ باباً من الحرام فلم يوافق شهوته، ولم يطع فيه عرض عليه آخر حتى يصادف هواه، فيستهويه عند ذلك، ويتركه حيران لا يدري أين توجه، كلما مل العبد شهوةً من الحرام أطرفه بأخرى، وأخبره أنه قد تاب من الأولى، كلما غلق في عينه باب من أبواب المعاصي جدد له آخر، وزينه له، فهو يعلل العبد بالشهوات، ويعده بالغرور، ويلهيه بالأماني والأمل كما يعلل الصبي حتى يقذفه في النار، ثم يتبرأ منه.
وعن ابن عون قال: لا تثق بكثرة العمل، فإنك لا تدري يقبل منك أم لا، ولا تأمن من ذنوبك فإنك لا تدري هل كفرت عنك أم لا، إن عملك عنك مغيب كله، ما تدري ما الله صانع فيه؛ أيجعله في سجين أم في عليين.
وقال: وددت أني خرجت من العلم كفافاً، ما أنا على شيء مقيم؛ أخاف أن يدخلني النار غيره. جاء شرطي يطلب رجلا في مجلس ابن عون، وهو في المجلس، قال: يا أبا عون فلان رأيته؟ قال: ما في كل الأيام يأتينا فلان، فذهب وتركه.
عن عبد الله بن عون قال: أوصى إلي ابن عم لي وأنا غائب، فذكرت ذلك لمحمد بن سيرين، فقال: اقبض وصيته، قال: فأخذتها وكتبت إلى نافع أسأله: هل علمت ابن عمر رد وصية أحدٍ من أقاربه، أو من غيرهم من إخوانه من المسلمين؟ فكتب: إني لا أعلم ابن عمر رد وصية أحدٍ من أقاربه، ولا من غيرهم من إخوانه من المسلمين، قال: فقبلها.
قال ابن عون: رأيت في المنام كأني مع محمد في بستان، قال: فجعل يمشي فيه، فيمر على الجدول،
فيثبه، وأنا خلفه أفعل ذلك، قال: فأتيته فقصصتها عليه، فرأيت أنه عرفها، فقال: ما شاء الله، هذا رجل يتبع رجلاً يتعلم منه الخير.
عن محمد بن فضاء قال:
رأيت النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في النوم وهو يقول: " زوروا ابن عونٍ؛ فإن الله ورسوله يحبه، أو أنه يحب الله ورسوله ".
عن النضر بن كثير قال: رأيت ابن عون في أعلى منارةٍ في المسجد الجامع التي في مؤخر المسجد مستقبل القبلة، وإصبعه في أذنه، وهو يقول: هذا صراط ابن عون المستقيم.
قال مولى سليمان بن علي: رأيت ابن عون مقيداً يمشي في سكك المربد.
قال بكار بن محمد: كان ابن عون يتمنى أن يرى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يره إلا قبل وفاته بيسير، فسر بذلك سروراً شديداً، فنزل من درجته إلى مسجد كان في الدار، قال: فسقط، فأصيب في رجله، فلم يعالجها حتى مات، وكفن في برد شراؤه مائتي درهم فماكسنا بنوه، وقالوا: لا نشتري إلا بدون ذلك، فقالت عمتي، وكانت امرأته: احسبوا الباقي علي، وحضرته الوفاة، فكان موجّهاً حتى قبض يذكر الله حتى غرغر بالموت، وما رأيت أحداً أشد عقلاً منه عند الموت، ومات في السحر فما قدرنا على أن نصلي عليه حتى وضعناه في محراب المصلى، غلبنا عليه الناس ومات وعليه من الدين بضعة عشر ألفاً، وأوصى بخُمس ماله بعد دينه إلى أبي في قرابته المحتاجين وغير المحتاجين، وكانت وفاته في رجب سنة إحدى وخمسين ومائة في خلافة أبي جعفر، وصلى عليه جميل بن محفوظ الأزدي صاحب شرطة عقبة بن مسلم.
قال أبو الربيع الزهراني: وكان من خيار الناس، حدثني جار لنا قال: رأيت ابن عون في النوم، فقلت:
ما صنع الله بك؟ فقال: ما غربت الشمس من يوم الاثنين حتى عرضت على صحيفتي وغفر لي.